رواية رومانسية بالعربية بعنوان : إشاعات
الجزء الثالث
🌸ملكة🌸
"" ما الذي تفعلينه هنا ؟ "" لفظت شوق السؤال بإرتباك واضح و عيناها المذنبتين تهتز بين نور و بيني و الرجل الأشقر خلفها .
كم تمنيت ان اسدد لكمة في منتصف وجهها لكي تقضي ماتبقى من عمرها بأنف معقوف .
بعنف ، تخلصت من الأغطية من بين يدي رامية إياها إلى يدي نور ثم سحبت ذراع أختي لتقترب مني مبتعدة عن الذكرين و همست بعنف غير قادرة على احتواء غضبي العارم من اختي في تلك اللحظة "" أظن أنه أنت من يتعين عليها الإجابة عن هذا السؤال يا آنسة شوق "" شددت بقبضتي حول رسغها لتعي الى أي حد انا غاضبة من سلوكها "" إذا كنت تكذبين علي سابقا كما عادتك ؟ هل ظن عقلك الغبي أنني لن أعلم أبدا ؟ ""
"" ملكة "" همست شوق من بين أسنانها بهسة تشير بعينيها نحو الرجلين تحذرني من صنع مشهد فاضح أمامهما "" سنتحدث في شقتنا ""
تحذرني من إثارة فضيحة ؟ انا سأنزل سقف العمارة فوق رأسها هذه الليلة .
هززت رأسي مبتسمة بسمية ساخرة "" اووو ، سنتحدث يا عزيزتي سنتحدث""
"" يا نور ، انا أخاطبك ما بك يا هذا "" قاطعنا الصوت العميق ذو اللكنة و هكذا إختطف إنتباهنا إلى المحادثة القائمة بينهما . و كرد فعل ، رفعنا حواجبنا منتبهتان الى الجو المشحون بينهما.
لقد نسينا أمر هاذين الإثنين .
إقتربنا منهما في صمت ، فقرر نور تلك اللحظة ليبتعد عن متناول يد الأشقر المتموضعة على كتفه المشدود . ثم أشاح بوجهه عنه بنفور و خاطبني عوض عن إجابته و قال بعبوس "" سأنتظرك بالأسفل ، لا تتأخري "" ثم إبتعد مسرعا نحو الدرج و كأنه هارب من الطاعون نفسه .
تحرك الأشقر بنية اللحاق بخطوات نور المسرعة لكن أوقفته شوق "" دانييل ، أتركه "" إقتربت منه ثم أكملت في نصحه بإبتسامة مواسية "" أنتما لم تتواجها بعد كل ما حذث ""
إقترنت حواجبه الكثيفة في إرتباك وحيرة "" لا أفهم "" ثم على ما بدا لي ضربة من الإدراك جعلت إقتضابه ينفك "" أتعني أنه لا يزال غاضبا من .. االأحمق ""
صباح الخير، و يجرؤ على السؤال ؟
"" نعم مازال غاضبا ، لقد خذلته حين كان في حاجتك "" الجواب العنيف القاسي كان ملفوظا من بين أسناني حين واجهته ، إن لم يفعلها نور ،أنا سأكون اكثر من مسرورة بتولي ذلك .
و كأنه يلاحظ وجودي في المكان لأول مرة ، جابت عيناه طولي النحيف بإمعان ، لكن ثقل نظرته لي لم تؤثر في . أكملت بنفس النبرة و أنا أنظر إلى إقتضابه الحائر و الغير القابل لهجومي المتهم وإن كان صامتا لا يدافع عن نفسه "" هل لازلت تفهم العربية أم أنني أضيع طاقتي هباءا ""
لا زالت لئيمة ، معادية ... مليئة بالكره .
"" أفهم عربيتك اللئيمة "" قاطع تهكمي بإنزعاج و بلكنة كثيفة "" لقد مر وقت طويل ، حاولت دائما التواصل معه و لم أستطع ، لا أفهم لم لايزال غاضبا مني ، ماذا فعلت أنا ؟ "" مد كفيه الورديتين أمامه لإبراز حيرته .
"" تماما "" أجبته "" لم تفعل شيئا ""
إستقام بوضعية جسده .
وكأنني تسللت تحت جلده ، شيئ في داخله تجاوب مع سلوكي الهجومي . ضاقت عيناه و هو ينظرإلي من علوه المخيم فوقي بالرغم من أنني أعتبر من الجانب الطويل بالنسبة لإمرأة . فقد كان الرجل يفوقني ببضع إنشات كانت كفيلة لتجعل رأسي يخضع بإتجاه الخلف . بخيلاء ، لم يحني رأسه ، بل سوى خضراوتيه . تعابيره مقتضبة ، بين إنزعاج و حيرة . لكن عدم قبول هجومي كان واضحا في لغة جسده المتشنجة . و رغم كل هذا ، كان صامتا و كأنه لا يعلم كيف يجيب إتهامي.
شعرت بالتوتر يلوي منطقة في باطني من نظرته الكثيفة والمباشرة وكأنه يرى روحي عارية ، لكن لم اظهرله حقيقة مشاعري بل اخفيتها تحت سطح من البرود . أشحت بنظري نحو أختي"" ستخبرينه أنت أم أفعل أنا ؟ ""
جحضت عيني شوق من محجريهما و صاحت بهمس "" لا لا ، ملكة أرجوك ، لا تحرجيني ""
"" لكن لا بأس أن تفعلي أنت ، أليس كذلك ؟ "" لم اعطي أختي فرصة للإجابة . أعدت نظري نحو دانييل ، محافظة على ذاك السطح الشديد و قلت بدون تردد "" أختي قامت بإستئجار هذه الشقة لك بدون علمي أنا كشريكتها ، و أنا لم أكن موافقة سابقا ، و لن أفعل الآن بعد محاولتها وضعي أمام الأمر الواقع ""
لم أكن خائفة من التعبير بما في خلدي يوما و لا مهتمة بتغليف كلامي بطبقة من السكر . لاطالما وصفت بالصريحة و الجريئة كما ان أمي اشارت كثيرا لنظراتي واصفة اياها بالمخيفة والخارقة .
أختي كانت عكس كل ما سبق . فهي ماكرة ومتلاعبة ... لكن بغباء .
"" ملكة "" همست أختي بضيق لكن تم تجاهلها .
"" لقد تم توقيع العقد بالفعل يا ملكة "" نبرته كانت هادئة . موقفه لبق و رصين ، مشابه لنبرة المفاوضين أو رجال الأعمال .
أذكرهذا الجانب فيه و الآن تذكرت انني أكرهه . لقد نجح في استفزازي بشدة و لست متاكدة تماما لماذا ابالغ في التفاعل معه.
شبك ذراعيه في بعضها ليدعم موقفه مما تسبب لقميصه ذو القماش الرهيف أن يتشبت في عرض ذراعيه كبشرة ثانية مظهرا معالم عضلاته .
لقد كبر حجمه ! أهو شيء يجري في جينات ذكورعائلة جابر ؟
وضعيته كانت مهيمنة و العبوس لازال مخيما تقاسيمه لكن نبرته والعمق في نظرته كانت ... رفيقة و إن لم تخلو من الإنزعاج .
كمن يدافع عن حقه لكن بالحق .
اردت صفع وجهي ، علي ان اركز !
نظرت إلى وجه أختي ارجف غضبا و غيظا . موقفي ضعيف ، لا يمكنني طرده بدون سبب قانوني بعد أن تم توقيع العقد .
وجود نور بالأسفل ينتظرني منعني من الدفع تقدما في ما يحدث ، و إبتعدت ماشية بدون ترك ولا نصف كلمة إستئذان منهما ، واعدة نفسي أنني سأعيد الكلام معه في ظروف أهدء .
شعرت بمراقبة دانييل إبتعادي و تمكن الفضول مني ، لذلك نزلت بعض الخطوات من السلم متأكدة من انهما تأكدا من غيابي ثم صعدت ثانية بدون اصدار صوت . راقبت دانييل وهو يعيد نظره نحو شوق التي كانت تبعث بخناجر قاتلة من عينيها نحوالطريق الذي سلكته .
لتخفيف من توتر الموقف ،ضحك قليلا لنظرة شوق القاتلة مما أثار إنتباهها إليه ثم علق بإبتسامة جانبية لا تنم عن شيء "" لاتزال كما تركتها ... تكرهني ""
أكرهه ؟ أنا لا أكرهه ... أنا فقط ... لا اريده في محيطي ، هذا ليس كرها .
"" أنا لن أسميه كرها ، حسنا ؟ هناك لائحة من البشر في حياتنا منهم من ضمن العائلة ، تعاملهم ببرود و لؤم لا تفسير له . البشر بالنسبة لها كالعلك العالق في قاع حذائها. إنها مجنونة ، لا تأخد سلوكيتها على محمل الجد أو بشكل شخصي أرجوك . ""
كتمت غيظي ، لاطالما علمت ان اختي حرباء متلونة ، لماذا سأنصدم كلما شهدت واحدا من مشاهدها ؟
هزز دانييل رأسه و فك ذراعيه من وضعيته المهيبة "" لا تقلقي لن أستسلم لمحاولاتها في طردي ، عليها تعلم فصل مشاعرها على شؤون العمل . كما أنها يجب أن تتعلم إحترام قرارتك ، أخمن أنها مهيمنة في إتخاذ القرارات ""
ما هذا ؟ هل يحاول فعلا التدخل بيني و بين اختي ؟
تنهدت شوق مواقفة "" هذا لأنني لست مهتمة عادة في عملية الإستئجار و كل مسؤولياته ، بل هي . أنا عادة أساعد حين أرغب في ذلك فقط لأستحق ما أقبضه .. "" ثم أشاحت بوجهها و همست لنفسها "" و إلا سأتلقى مصير أمي المسكينة ""
هكذا اذا يا انسة شوق ؟
إلتقط دانييل كذلك ما همست به لكن لم يستفسرعن ذلك لقلة إهتمامه .
"" حسنا ، تصبح على خير ، لنتحدث حول نور فيما بعد ""
مبتسما ، هزز رأسه موافقا ، ثم انطلقت مسرعة قبل تكشفني و تفضحني أختي .
🌻🌸🌻
"" أكانت محاولة بئيسة مثيرة للشفقة منك يا ملكة ؟ ""
بعبوس وضعت يدي الإثنتين حول فمي مصدرة صوت "ششش" لأقمع صياح نور الغاضب في هذا الوقت المتأخر من الليل .
صمت لتنبيهي بالفعل ، و إنتظر بصبر إلى أن خطيت باقي الدرجات إلى الأسفل .
لحسن الحظ ، مرت شوق ببيت أحد الجيران وإلا أثار الاثنين فضيحة هنا .
وضع بعنف الأغطية في يدي ما إن وصلت إليه ، ثم بهمس غاضب عاد يلفظ "" هل لديك ما تشرحينه لي ؟ ""
بغضب مماثل همست "" لم أفعل ، أنت تعلم أنني لا أستصيغ ذاك المخلوق ، كما أنه لا يهمني خلافكم لأحاول مصالحتكما من الأصل ""
تنهد مستقيما بجذعه الذي كان منحنيا تجاهي قليلا ، ثم مرر كفه بعصبية مكبوتة على جبينه ثم على شعره الداكن القصير "" هذا صحيح في الواقع "" علق هامسا بنبرة أكثر إرتخاءا الآن .
تنهدت مهدئة نفسي أنا الأخرى و أعدت الأغطية إليه بعنف و كأنها مبارزة بيننا ، ثم أخرجت مفاتيحي من الجيب الامامي لبنطالي الجينزو فتحت الباب دافعة اللوح الخشبي ، ثم إستدرت نحوه مادة يدي بإتجاه الداخل مرحبة به ، لكن كان قد دخل بالفعل .
أغلقت الباب و لحقته إلى غرفة الجلوس . كان قد رمى بالأغطية على الطاولة و أخد موقعا على الكنبة "" هل هي أختك إذا ؟ ""
"" هل كنت على تواصل معها ؟ "" وقفت في مكاني عند طرحي السؤال ، عوضا عن تذريع طول الغرفة ذهابا وإيابا بعصبية لم أستطع إحتواءها .
"" لا ؟ لم تعلم أي منكما بخبرعودتي ."" جوابه كان فوريا .
ثم عادت إلى المشي و يدي على وسطي "" أنت على حق . ""
"" تلك الملعونة ، كذبت و هي تنظر مباشرة في عيني قائلة أنني تخيلت وجوده في مرآب السيارات بعد الظهر "" همست بغل و بغيظ مستحضرة محادتثنا في المتجر سابقا .
صوت باب البيت و هو يقفل من الداخل أثار إنتباهنا إلى مدخل الغرفة ، ثم قطع داك الهدوء صوت الأواني تطرق في بعضها فاضحة بصخب تسلل أختي الجبان . و ثانية بعد ، كان نصف وجهها يطل من باب الغرفة ، فإتسعت عينيها بإضطراب و نزعة المذنب تصرخ فيهما ، ثم هربت نحو المطبخ و أوانيها تضرب في بعضها محاكية هلع من تحملهم .
جيد جدا ، عليها ان تخاف .
"" عودي إلى هنا أيتها الغبية "" صحت بصوتي الغير المصمم للصراخ ، لكنني أعلم أن نبرتي اللئيمة الشريرة تعبرعن غضبي المجنون تلك اللحظة .
تبعتها جريا إلى المطبخ ، و قبضت على المذنبة و هي في طريق الهروب من المطبخ . أحكمت قبضتي حول عنق قميصها الصيفي و صحت و أنا أشير برأسي نحو المطبخ "" إلى أين انت هاربة ؟ أتظنينني سأغسل الأواني التي علف فيها ذاك الفأر الأبيض ؟ ""
"" ركزي في الوضعية المطروحة أمامك يا ملكة "" تحدث نور من خلفي ..
شددت من قبضتي حول أختي ثم صحت "" كذبتي من جديد يا شوق ، ألن نخلص من هذه العادة المقرفة ؟ ""
لم يكن تركيز شوق على إجابة سؤالي ، بل كان منصبا على نور العابس خلفي و الذي أبلى حسنا في تزويد غضبي بالوقود .
"" لم أتمكن من مبادلتك السلام حتى و قد بدأت في أعمالك الخبيثة يا نور ؟ ""
هزيتها لأسترعي إنتباهها إلي من جديد ، فغرقت شوق في ملابسها . قدها أصغر من قدي طولا ، ما إن أقبض عليها حتى تنكمش بين يدي. مهما حاولت الدفاع عن نفسها غالبا ما أنجح في رجها كالدمية هنا و هناك .
"" لي حق التصرف في ممتلكاتي ، أعطني سببا واحدا كافيا يجبرني على تبرير أو شرح أي قرار إتخدته لك "" رغم وضعها الضعيف بين يدي ، صاحت شوق بتحدي و إن لم يخلو من الذنب و التحايل .
فإبتسمت إبتسامة لا تسلية فيها وأنا أنفضها من بين يدي كالمنديل المستعمل ثم رفعت يدي و قلت بشكل مسرحي "" لا ، لست مضطرة لتفسير أو شرح أي شيء لي . فقط تصرفي من نفسك . وحين تخفقي ، تعالي إلى أختك كي تنظف ما خلفتيه من غبائك . أتعلمين ؟ نشيرك الوسخ أعرفه كله ""
أخدت عينا شوق شكلا دائريا و هي تمررهما بيني و بين نور الذي يشاهد ما يحدث بهدوء بجانبي ، ضائعة لا تعلم ما أقصد بالضبط . لكنها لا ترغب في معرفة نور لنشيرها الوسخ و خاصة بخصوص موضوع واحد محدد حساس كحساسية حروق الشمس . إقتربت مني تعبس في وجهي و تغمز لي بالسكوت قبل أن أنطق أي كلمة تندم عليها هي .
إلتقط نور المغزى بعين ثاقبة ثم أجلى حنجرته قائلا "" أظن أنه يجب علي ترككما لتحلا مسائلكما العائلية ""
"" أي مسائل عائلية أنت الآخر "" قلت بإستهزاء وأنا أنظر في عيني أختي مباشرة "" لا شيء أنت لست على علم به ""
شحب وجه شوق و كأنها رأت شبح و هي تنظر إلي ، ثم بصياح محرج شقت طريقها جريا إلى غرفتها و هي تشد شعرها إلى أن صدر صوت صفق الباب آخر الردهة .
"" أيتها الأفعى "" قال نور بوجه جدي رغم سخريته و هو يتبعني إلى المطبخ "" لا فكرة لدي عما دار بينكما في الدقيقة الأخيرة ، لماذا تعذبين أختك بتلك الطريقة الشريرة ، دائما ما تجعلينني أتسائل في حقيقة قرابتكما ""
وضعت الصحن الذي نظفته في مكانه المخصص ليجف من الماء و أنا أقول "" تستحق ذلك ، الآن سيتوجب علي تحمل رؤية سحنة إبن عمك كل يوم بسببها ""
رفعت وجهي ناظرة إليه حين لم أتلق جوابا ، ثم أدرت عيني على منظر عبوسه الحانق "" أنصحك أن تنسى ضغينتك تجاهه ، فلا معنى لها بعد الآن .. ""
"" أنت لا تفهمين "" همس بحنق و فحيح و كأنني لكزت أفعى "" لقد أولاني بظهره حين إحتجته ، هو و أخيه ، لم يخطر في بالي يوما أنهما سيفعلان ذلك بي ، لا طالما كنت وفيا لهما ، كانت خيانتهما هما بالذات ماقسم ظهري حقا . ""
"" أولا ، أنت تبالغ . ثانيا ، فلنكن واقعيين يا نور ، لقد كنت جامحا في تلك الفترة . حتى أنا صدمت من بعض سلوكياتك ""
رفع رأسه محتجا "" بالله عليك ، كيف ذلك ؟ هل كان يجب علي أن أتلقى ما كان يحدث لي بإستسلام و صمت ؟ ""
وضعت صحنا منظفا آخر في مكانه ثم إستدرت إليه بكلية جسدي و وضعت يدي على جانب خصري ثم رمقته بنظرة ملولة "" هل حان وقت أن أذكرك أنك البادئ في ذاك الصراع الفوضوي ""
شبك ذراعيه و أبعد ناظريه عن عيني الثاقبتين و لم يضف كلمة . بهدوء عدت أشطف الصحون و أنا أضيف "" كما قلت سابقا ، لا فائدة من ذكر الماضي ، ماحدث قد حدث و إنتهينا ، نحن في الآن ، ركز في الآن فهو الأهم . ""