رواية رومانسية بالعربية بعنوان : إشاعات
الجزء الثالث عشر
🌸ملـكة🌸
دار عقلي في دوائر و انا احاول فهم ما كانت تشير اليه تلك الحمقاء ، ايعقل انها تحدثت مع دانييل في هذا قبل ان تكلمني ؟
لا اظن ذلك ، فاختي لن تحرجني بفعل شيئ كهذا لي ، فنحن اخوات رغم كل شيء . لا ، لا ، لا يمكن أن تفعل .. لابد انها تحاول ان تلعب مع عقلي ، فهي تعرف كيف تفعل ذلك . و نجحت ، لقد امضيت الاربع ساعات بعد مغادرتها افكر في كلامها ..
و نعم ، هذه سخافة ..
قررت اغلاق ابواب المتجر باكرا قليلا اليوم ، فقد داهمتني فجأة رغبة في السباحة . لا أعلم ان كنت املك شجاعة كافية لأسبح في الشاطئ في هذا الوقت المتأخر، او هل اكتفي بالتوجه الى المسبح فقط ؟ لكنني لست متأكدة إن أردت مواجهة انس هو الاخرالآن .
ذهبت الى البيت و ارتديت ملابس السباحة ، ثم عدت الى شاحنتي و لازالت لا فكرة لدي عن اي من المكانين سأتوجه لأسبح .
مررت بسيارة دانييل عند خروجي من مرأب العمارة ، و استمررت رغم أنني قد سمعت صوت نور ينادي باسمي وكذلك نفير السيارة .
لا رغبة لي حقا في التصادم معهم . اريد بعض الوقت لنفسي لاسترخي، اخلي عقلي و انظم افكاري .
انتهى بي المطاف امام النادي ، لأنني أفضل لقاء انس على أن أسبح في الشاطئ المظلم .
حملت حقيبتي و تخطيت عتبة الباب ثم استمررت في المشي رغم أنني لم أجد انس في مكانه ، متوقعة لقاءه في ركن ما من النادي الكبير . سمعت صدى صوت احدهم و أنا اقترب من المسبح الرئيسي ، ثم توقفت رجلاي عن التقدم اللحظة التي استوعب عقلي فيها تلك الوجوه الموجودة . كان أنس واقفا بالقرب من المسبح و معه رامي و ديمنة ، اضافة الى شابة اخرى تصادفت معها في فرص قليلة في الحي . كانوا في دائرة منخرطين في حديثهم و يتضاحكون على شيء أجهله ، إلى أن لمحني رامي و انمحت البهجة من تقاسيمه ثم تلاه انس لأنهما كانا متقابلان مع المدخل .
استمررت في المشي ، غير سامحة لوجودهم بالوقوف حاجزا بيني و بين رغبتي في السباحة . صمتهم الغريب أثار استغراب الفتاتين فاستدارا و علامة استفهام على وجوههن و سرعان ما تغير لون وجه ديمنة بالخصوص . نعم ، لاطالما كانت مشاعرها دائما تطفو على السطح ، لا يمكنها اخفاءها .
"" لا تمانع وجودي هنا يا انس ، اليس كذلك ؟ "" صحت من مكاني و أنا اتوجه الى صالة السيدات .
"" بالطبع لا يا ملكة "" أجابني أنس فورا لكن مع نهاية جملته، كان صوته يتباعد أو يفقد تقته إن صح القول . أستطيع أن أستنتج بدون النظر ، أن رامي و ديمنة كانا السبب في ذلك . تجاهلتهم طبعا و دخلت الصالة لأزيل ملابسي . و عندما كنت أعدل أشرطة المايوه المطاطية امام المرآة ، انفتح الباب خلفي و ظهر انعكاس وجه ديمنة في المرآة .
استمررت بتعديل المايوه و التأكد من أن كل شيء في مكانه ، أتجاهلها تماما و كما تستحق . لكنها طبعا كانت قد تبعتني الى هنا لسبب ، ففتحت فمها و نطقت بهدوء مصطنع ، أستطيع تمييز ذلك لأنني أعرفها جيدا ، أعرف انها تريد قتلي الآن "" لم تتجرئي على لمسه يوما ، ما الذي حصل الآن ؟ ""
لم أستطع فهم ما تحاول قوله في بادئ الأمر ، لكنني أدركت قصدها حينما رفعت عيناي إلى انعكاسها في المرآة . فقد كانت تنظر الى شعري القصير .
و لم تترك لي مجالا للإجابة حينما أضافت "" هل أصبح حبيبك يميل الى ذوات الشعر القصيرالآن ؟ ""
كم أكرهها .. كم أكرهها ..!! بقدر ما احببتها ذات يوم ، أصبحت أمقت النظر الى وجهها ..
استدرت اليها على مهلي أعبث بشعري القصير و واجهت حدقتيها قبل أن أسألها بتباث "" و هل يفعل حبيبك ؟ ""
انسحب اللون من وجهها و ابيضت قبضتيها من شدها وهي تحاول السيطرة على غضبها و مشاعرها . لو كانت ذكية ، ستغادر هذه الصالة و تفترق عن طريقي . لكنها حمقاء بنفس الطريقة كنور، عنيدة بغباء .. لن تفعل !
""سأحذرك بإبقاء مخالبك القذرة بعيدة عن رَجُلي ، رغم أن رامي ليس كنور ، ليس كورقة متساقطة في الخريف تطير مع أول ريح يضرب في طريقها . "" حذرتني بنبرة مهتزة لكن شديدة جعلتني أدرك أنها لازالت حساسة ، لازالت مشاعرها هناك ، لا زالت طرية .
لكن هذا لن يغير شيء ، لن أرأف بها أو بمشاعرها كما كنت أفعل في السابق ، كنت أحبها في ذلك الوقت ، أما الآن فسأُسمعها ما تريد سماعه ، ما تريد أن تصدقه عني .
اقتربت منها أكثر و استمررت في استفزازها "" اوه يا حلوتي ، لو كنت حقا تثقين فيه لما حذرتني من الاقتراب منه ""
استفزازي لها نجح لأنها إنخرست ، تنظر الي من بين أهدابها عاجزة عن الرد .
"" تظنين أنني ضعيفة ، لا استطيع الدفاع عن نفسي . "" لم يكن سؤالا ، قالت ما قالته بنبرة و كأنها تصرح بما هو واضح "" لكنني سأدافع عن نفسي ، بل سأجعلك تبكين و تحبطين و تكرهين حياتك "" صرخت بما تبقى من كلامها و دموع غير طليقة تتلألأ في زوايا عينيها .
"" إفعلي إذا "" شجعتها ، لأنني أشعر بالفضول .
كيف ستجعلني أبكي ؟
🌻 دانـييل 🌻
تعارضت شاحنة ملكة مع سيارتي في مرأب العمارة . لم اتوقع انها ستنهي عملها باكرا هذا اليوم .
اتسائل لماذا ؟ اهناك شيء طارئ ام انها فقط شعرت برغبة في ذلك بدون سبب ؟
تمكن الفضول مني ، أريد اللحاق بها ، أريد ان أنفرد بها ، أريد ان نتبادل اطراف الحديث بعيدا عن إزعاج الاخرين .
سيكون من الجنون أن اعترف حتى لنفسي انني اشتقت اليها في هذه الايام القليلة . لكنها الحقيقة ، لقد اعتدت على وجودها في الارجاء ، تتبعني بعينيها الصقيعيتين خفية و تدعي عدم الاهتمام .
لم تجب نداء نور و اختها و لم تنتبه لتزمير سيارتي ،بل انطلقت بسيارتها تاركة ثلاثة علامات استفهام فوق رؤوسنا . حاول نور الاتصال بها لكن نصحته شوق بأن يتركها لحالها فهي بمزاج سيء هذه الأيام . لكنها قالت كلامها بابتسامة شقية حاولت جاهدة إخفاءها .
فقررت ان ألاحق ملكة و ارى بنفسي ان كان حقا مزاجها متعكرا ، و لأرى ما ان كان ما قالته لي شوق قبل ساعات صحيح .
لحقتها إلى أن توقفت أمام نادي تعليم السباحة ، و توقفت على بعد آمن من سيارتها و راقبتها من حلف زجاج سيارتي الى أن دخلت من البوابة و حقيبتها على ظهرها . هل عادت لأخد دروس السباحة ؟ لكن لا أظن أن النادي لازال مفتوحا ، فحتى من الخارج يبدو ميتا .
إنتظرت قليلا ، ربما لعشر دقائق لاتأكد من أنها تنوي البقاء هنا لوقت أطول و ليس في زيارة صغيرة لاحدهم، ثم لحقتها . تفاجأت بوجود رامي و أنس و فتاة أخرى أيضا .
لا وجود لملكة في المكان ، لكن من خلال النظر إلى وجوههم المتشنجة ، استطيع استنتاج ان ملكة قد مرت من هنا . و طبعا من الطبيعي أن تترك هذا النوع من الاجواء خلفها.
عندما رآني رامي واقفا امامه ، رمقني بنظرة ضياع و كأنه لم يستطع استوعاب حقيقة وجودي هنا .
"" دانييل ، ماذا تفعل هنا ؟ "" سألني و عيناه تهرب في كل ثانية خلفي ..
فأجبته و انا أبحث عن ما يثير فضوله "" أبحث عن ملكة ""
"" تبحث عن ملكة ؟ "" تساءلا أنس و رامي في نفس الوقت فأعدت جوابي مؤكدا لهما ، زائد لم يعجبني كيف استغرب انس ايضا انني هنا في بحث عن ملكة .
"" انها في الداخل "" اشار رامي برأسه الى مدخل صالة السيدات "" و ديمنة موجودة هناك معها "" أضاف بمزيج من القلق و الغضب في صوته .
ثم فهمت لماذا ينظر الى ذلك الباب بكل ذلك الفضول و الانتباه .
اعلم ان علاقتهم متوترة ، بل أكثر من ذلك . فخلافي البسيط مع ابن عمي ليس قريبا و لو بقليل من خلاف الفتاتين . لذلك وجودهما هناك لوحدهما لا تعد فكرة جيدة ، قد يكونان ينتشلان وجوه بعضهما من بعض في هذه الأثناء .
قلقا على الوضع ، تخطيت الطريق الى الباب في خطوتين مع الباقيين خلفي . و حينما سمعت همسا من الداخل، توقفت ثم تمهلت قليلا ، فلا يبدو انهما يضربان بعض .
وضع رامي أذنه على الباب ثم فعلت المثل . اعلم انه تصرف متطفل ، لكنني لم استطع الا فعل ذلك .
""سأحذرك بإبقاء مخالبك القذرة بعيدة عن رَجُلي ، رغم أن رامي ليس كنور ، ليس كورقة متساقطة في الخريف تطير مع اول ريح يأتي في طريقها . "" سمعت صوتا يقول بكل عاطفية ، فاستنجت ان هذا صوت ديمنة .
كان وجه رامي امامي ، لذلك رأيت كيف تشنج و تصلب عموده و هو يستمع بتركيز الى الحديث القائم في الداخل .
"" اوه يا حلوتي ، لو كنت حقا تثقين فيه لما حذرتني من الاقتراب منه "" أتى رد ملكة الصادم و المستفز فورا ، فأمسكت ذراع رامي مانعا اياه من الدخول . على ما يبدو من وجهه المحتقن و ذقنه المشدود ، رد ملكة نال منه هو الاخر، خاصة انه لم نسمع اي رد من ديمنة لثواني .
لكنها نطقت في الاخير "" تظنين انني ضعيفة ، لا استطيع الدفاع عن نفسي . "" اللعنة ، اشعر بالاسف لهاتين الفتاتين ، كيف وصل بهم الحال الى هذه المرحلة ، لقد كن مثالا للصداقة . كما انني لا استطيع تصديق كيف تمكنت ملكة من قول هذه الاشياء السخيفة ، فهي بكل تأكيد لا تنتمي الى ذلك النوع من النساء .
و لا أعلم كيف سأسيطر على رامي أكثر من هذا، فقد على وجهه تعبيرا خطيرا . رغبته في حماية ديمنة تسيطرعليه . و لم لا ؟ فالطريقة التي نطقت بها كلامها ، لم تصرخ الا بشيء واحد ، اريد الحماية .
و أكملت "" لكنني سأدافع عن نفسي ، بل سأجعلك تبكين و تحبطين و تكرهين حياتك "" صرخة الالم الاخيرة كانت حقا مثيرة للأسف .
"" إفعلي إذا "" و لم اتوقع ان رد ملكة سيكون هكذا ، تشجيعا باردا منها .
ما الذي تفعله ؟ لماذا ترمي بصداقة قيمة كالتي جمعتها بديمنة هكذا و كأنها لم تعني لها شيئا . لا اعلم بماذا يجب ان اشعر تجاه ملكة الآن ، فهي تبدو .. جنونية !
اقتحم رامي الصالة غير آبها إن كن الفتيات في حالة لائقة ، ثم تبعته مستعدا لأي تطور عنيف . فهو ليس رجلا متحضرا في اغلب الاحيان ، و لا أظنه سينتبه لجنس أو حالة اعدائه حينما يهيج .
سحب رامي ديمنة الى جانبه . عيني ديمنة لم تتزحزح عن عيني ملكة ، و لم تنتبه أي واحدة منهن لوجودنا في الصالة معهن . غارقتان في حرب النظرات .
كانت ديمنة تبدو كالشخصية البطولية اللطيفة التي تحولت الى وحش حديثا ، و ملكة؟ .. تبدو كالشريرة التي فعلت ذلك .
عينيها لم ترف و لم تهتز من على ديمنة و كأنها قطة سوداء تتحدى غازية منطقتها . عمودها متصلب ، أنفها مرفوع ، ذقنها مشدود و حاجب أيمن لئيم مرفوع على جبينها .
تبدو متهيئة برد لكل ما ستنطقه ديمنة ، و أنا ارغب برجها الى ان تستفيق من مهما كانت هذه اللعنة التي تحيط نفسها بها .
لانني اعلم جيدا ماذا تفعل .
"" انت ساقطة بحق يا ملكة "" بصق رامي بحقد لم يتورى عن عينيه ..
فتدخلت فورا "" راقب ما تتفوه به يا رامي ""
"" هل أنا مخطئ ؟ "" صاح "" الم تستمع توا الى ما كانت تقول ؟ ""
حولت أنظاري الى ملكة ، فكانت تحدق في بإتساع دقيق في عينيها و كأنها فقط الآن أدركت وجودي . أبعدت عينيها عني و للحظة ظننت أنها ترتجف و هي تصطنع البرود "" أنتم تفسدون أمسيتي ، هل يمكنكم الغروب عن وجهي الآن ؟ ""
كما توقعت ، لن ترد على اهانة رامي . فهو لاشيء بالنسبة لها ، فعدوانيتها لا تقصد بها الا من فعلا أذاها . و أنا اعلم ان حقيقة أن ديمنة صدقت أن نور و ملكة قاموا بخيانتها ، تجرح و تؤدي ملكة رغم أنها لا تظهر ذلك .
لو فقط توقف البشر عن التدخل بينهما و أن تترك الفتاتين عنادهما على جنب ، ستكون هناك فرصة هائلة لاصلاح علاقتهما .
سحبت تلك الفتاة الغريبة ديمنة و غادرا الغرفة . و تململ رامي في مكانه قبل أن يبصق بعنف "" ابقي بعيدة عنها ، و أوصلي تحذيري هذا الى ذلك الاحمق ايضا . ""
لم تجبه تانية ، فقط راقبته بملامح مشمئزة و هو يغادر المكان . و لم يتبق الا انا و هي و أنس الذي اقترب منها و قال "" أنا ضائع . لماذا قلتي ذلك ، لقد قضيت اليومين الماضيين أحاول اقناع رامي بتغيير رأيه فيك لكي يتدخل بخيط ابيض بينك و بين ديمنة ، لقد كنت احاول جاهدا اثبات براءتك ""
"" هل تمازحني الآن يا انس ؟ "" سألته ملكة بنبرة صقيعية "" هل تظن حقا انني مهتمة بأي من ما قلته الآن ؟ لا يهمني إن تبثت براءتي امام ذلك الاحمقين ، لا يهمني رأي ذلك الرامي و لا حتى تلك الدمية السخيفة . توقف عن التصرف من عقلك ، لا اقدر تدخلك هذا يا انس ""
"" حسنا "" قال بيديه الاثنتين مبسطتين امام وجهها "" استرخي يا ملكة ، انا فقط احاول فعل الصواب ""
عندما استدارت عنه اتمم "" انا سأتركك الآن ، سأكون في الخارج إن احتجت الى اي شيء . "" ثم استدار ينظر الي بفضول ..
اااه ، هذا مثير للاهتمام .. !
غادر في الاخير من دون نيل اي جواب منها ، وحملت حقيبتها و غادرت هي الاخرى . تبعتها خطوة بخطوة الى المسبح ، المكان خال من كل الموجودين الآن ، رمت حقيبتها عشوائيا ثم رمت نفسها في المسبح العميق و رأيت كيف سبحت تحت في العمق لثواني فقط قبل ان تعود الى السطح . وجهي كان اول ما سقطت عليه عينيها حينما فتحتهما ، ثم سرعان ما أبعدتهما عني و عادت الى الغطس في الماء البارد .
خلعت ملابسي و ساعتي ووضعتهم على جنب ثم انضممت اليها ، صعقتني برودة الماء ما ان غلفني و تساءلت كيف لم تجفل ملكة حينما غطست في اول لحظة . كانت تسبح في نفس المكان و كأن الزمن وقف من وجهة نظرها و هي تراقبني بعينيها .
تحاولي اخافتي ، ابعادي ، تريدني ان اعود من حيث أتيت . عليها أن تعلم انني لا اخافها ، ذلك الغشاء الشيطاني اللئيم الذي تخيف به البشر لا يؤثر في .
أستطيع الرؤية من خلاله ..
"" لماذا أنت هنا ؟ "" سألتني ببرود حينما توقفت أمامها ، رأسينا هي الاجزاء الوحيدة من أجسادنا التي تطفو على الماء . قطرات من الماء متمسكة بأطراف اهدابها الداكنة الكثيفة و بشرتها تبدو رمادية ، لا أعلم ان كان من الاضاءة الشاحبة او من توترها من ما وقع قبل قليل او من برودة الماء . و شعرها القصيرالمبتل مسحوب الى الخلف في خيوط لامعة داكنة الكحولة.
تبدو خلابة ، مغرية للمس !
"" أليس أسهلا لو فقط اخبرتها انك و نور بريئان من تهمة الخيانة ؟ "" أجبتها بسؤال ، لأنني أفهم ما تفعله لكنني لا أفهم لماذا تفعل ذلك . لقد أبدت موقفا عقلانيا حينما ساعدتني في مصالحة نور ، إذا لماذا لا تستعمل نفس المنطق ؟
تعلم ملكة أنها تؤلم ديمنة بكلامها الجارح و الغير الصحيح و لا تبدي اي نية او محاولة لتبريئ نفسها أمام صديقتها . لو كنت مكانها لأصلحت سوء التفاهم ، كنت لأصاب بخيبة أمل من صديقي و من قلة ثقته في نعم ، و قد أقطع علاقتي معه ان لم يكن هناك مجالا للصلح ، لكن لن أستمر في اثباث تهمة على نفسي انا بريء منها . ماذا تحاول ملكة إيصاله بسلوكها البارد هذا ؟
تنهدت و دورت عينيها ببرود لئيم ثم تشدقت بغير إهتمام "" قل لي يا دانييل لماذا سأفعل ذلك ؟ ""
"" ألا تهمك صداقتكما ؟ "" أجبتها بسؤال آخر ..
"" لم تهمها صداقتنا حينما صدقت الأقاويل ، لماذا علي أنا أن أهتم ؟ "" صاحت بجفاف .
"" اذا اخترت ان تتركيها لتصدق ما أخبروها ، لا و بل تساعدين على ذلك ؟ أهذا هو الحل الامثل بالنسبة اليك ؟ أنت تجرحين نفسك قبل ان تجرحيها هي .. ""
استدارت عني فورا بعد أن أكملت جملتي و حاولت الغطس لتختبأ عن عيناي ، لكنني أمسكت ذراعها و منعتها عن الهروب ، ثم حاولت بمشقة نفس أن اتجاهل كفيها التي استقرت على صدري و أنفاسها المتسارعة التي تضرب وجهي و ركزت فقط في ما ننقاشه .
لابد أنني كشفتها و عريت حقيقتها ، لأن آليات دفاعها قد تحركت ، فقد تغضن جبينها و زمت شفتيها في خط قاسي وتحرك حلقها بتحشرج و استقرت عينيها على جلدي تنظرالي بكره و جفاف . و أي أثر للعسل في عينيها ،غبر و حل محله أسود شديد الظلمة .
تحاول ابعادي من جديد بقناع الوحشية هذا ، لكنني لا أهابها .
"" قلبك منفطر ، تماما مثلها هي ، اعترفي بذلك .. "" همست لها بخفوت لكنني لم استطع سلب اي رد منها .
بل افلتت ذراعها من قبضتي ثم راحت مبتعدة عني تضرب الماء بغضب ثم ارتقت تلك الدريجات الصغيرة . حملت حقيبتها و فرت نحو الصالة من دون ان تلتفت الي . و انا ممتن لذلك ، لأنني كنت سأضبط متلبسا في صورة بالغة الوضوح ، فعيناي لم تترك التمايل الانثوي اللطيف في وركيها و لا لحظة .
صفعت وجهي بكفي المبتلة ما ان غابت عن نظري متوارية خلف باب الصالة ، و تنهدت خائبا من سلوكي .
هذه المرأة أنستني جنتلمنتي !
🌸ملـكة🌸
لم أستطع النوم ليلة البارحة ، لازلت أشعر بعينيه تنغرز داخلا في روحي و باصابعه النحيلة الطويلة تحفر في جلد ذراعي و هو يخبرني بكل جرأة و وقاحة أن أعترف بأنني منفطرة القلب .
لم أشعر يوما أنني محاصرة بقدرما جعلني أشعر ذلك اللعين ليلة البارحة .
كل ما أردته هو الاختلاء بنفسي في المسبح و أن أحضى بوقت ممتع صغير مع نفسي . فقط لأجد الغبية و حبيبها الاغبى منها أمامي يصنعان مشهدا آخر أنا الشريرة فيه . ثم أنال تقريعا من ذلك اللعين الذي لا دخل له حينما أشاركهما المشهد و ألعب دوري كشريرة بمثالية و كما يرغبان .
الا يستطيع رؤية أنني أوفر عليهما عذاب تأنيب الضمير بعدم تبريئ نفسي ؟ لدي تجربة مع هذا الجحيم فهو قادر على جعلك تتصرف بغير نفسك ثم ايقاعك في متاعب لا طائل لها .
مثلا ، المأزق الذي وقعت فيه مع هذا الاشقراللعين حينما تنازلت و شاركت معه علبة ساندويشات لعينة . بسبب مجرد ساندويشات لعينة ، أصبح الرجل يلاحقني و ينزوي بي و يخبرني بما يجب أن أفعل .
اللعنة ، لقد عدت الى البيت أرجف و انفث من شدة غلي .
"" ملكة ، توقفي عن هز رجلك لقد وترتني "" صوت الاخرى انبعث من جانبي ، و بذلك تذكرت أن كل ما وقع قد وقع البارحة و أنني اعيش يومي التالي جالسة على مائدة الفطور و تتبعني عدة اشغال علي قضاؤها . و اكتشفت ايضا انني لازلت عصبية تماما كما البارحة و شرب القهوة الداكنة الآن لن يساعد في حالتي أبدا خاصة و انني لم أحضى بأية غمضة ليلة البارحة .
نعم الى هذه الدرجة نجح ذلك اللعين في الانزلاق تحت جلدي و التمكن من استفزازي .
"" لماذا لا تتناولين فطورك يا ملكة ، مابالك ؟ "" رفعت وجهي انظر اليها ثم ابْعَدَت جذعها الى الخلف و هي في مقعدها تحدق في وجهي بتعبير هلع ، و فتحت فمها و كأنها تريد نطق شيء ثم تراجعت و في الاخير نطقت و كأنها غيرت ماكانت تريد قوله من الاصل "" اختي الصغيرة هل حصل لك شيء ؟ هل زارك الجاثوم ليلة البارحة ؟ ""
"" بل ثلاثة جواثيم "" رفعت ثلاثة اصابع امام وجهها و قبل ان تجيبني قامت لتجيب جرس الباب و فمها فاغر بدهشة من شكلي . و اعلم جيدا كيف ابدو حينما اصحو بمزاج نزق بعد ليلة لا نوم فيها .
عندما عادت كانت قد عادت برفقة نور ، الذي لازال في ملابس النوم -شورت و قميص بلا أكمام - و بشعر السرير و ذقن غير حليقة و عينان منتفختان . كان يسأل عن آلة الحلاقة التي نسيها في درج الحمام ثم ذهب ليبحث في الحمام بنفسه بعد ان أمرته شوق بذلك ، و عندما عاد بها في يده سلك مباشرة بطريقه الى المطبخ و احضر صحنا فارغا و شوكة ثم باشر بسرقة كل ما في الطاولة من أكل و لم اكن سأتحدث لو لم يلمس آخر بيضة مقلية "" ألن نخلص منك أنت و جوع الذئب الذي تحمله معك أينما حللت ؟ ""
رفع رأسه ينظر الي بغير تصديق بعينيه واسعتين و فم فاغر و وضع يده على صدره كما تفعل بعض النساء في حركة ساخرة ثم نظر الى شوق وصاح "" ما بها هذه على وجه الصبح ؟ ""
"" لا أعلم "" رفعت أختي وجهها من على شاشة هاتفها و نظرت الي "" لقد أخبرتني منذ قليل أنه قد زارها ثلاثة جواثيم ليلة البارحة ""
تجاهلتهما و حاولت تناول شيئا ما ، فانا احتاج للطاقة لاخوض في عالم الاغبياء و الفضوليين هذا .
"" هل أنت متأكدة انه ليست هي من زارت الجواثيم ؟ "" قال بفم مليء يمضغ فطوره المجاني و هو واقف .
رفعت عيناي اليه لان سخريته البائخة هذه غير مرحب بها في هذا الوقت من الصباح ، ثم سعل مختنقا بقضمة من الكرواسون و شتم قبل ان يقول "" اللعنة ! كفي عن النظر الي بتلك الطريقة ، تبدين كملك موت أتى باحثا عن روح ليأخدها ""
عدت الى تجاهلهما والتركيز في تناول فطوري ، لكن نور لم يلتقط المغزى "" أنت لست على ما يرام يا ملكة ، ما الذي يزعجك ؟ ""
"" هذا ما أحاول قوله "" تدخلت اختي ثم نقلت عينيها الي و تحدثت الي بوميض في عينيها "" هل لحق دانييل بك ليلة البارح ؟ ""
رفعت نظري اليها ثانية ، فكانت تنظر الي بترقب و كأن جوابي مهم جدا ، أكاد أقسم أن هذه الغبية تفعل شيئا خلف ظهري كما أنني لم أنسى ما أخبرتني به مساء يوم البارح .
"" نعم "" أجبتها بجفاف ثم اقتربت بمقعدها الي اكثر ثم قالت "" هل أخبرك بشيء ؟ ""
"" بماذا سيخبرني ؟ "" أجبتها ثم تنهدت بانزعاج و استدارت الى نور الذي لم يفعل شيئا و قامت من مكانها و زادت ملئ صحنه بقطع كرواسون و اعطته كأس عصير و دفعته الى الباب رغم تذمره و صفقت الباب ثم عادت الي .
"" اخبريني ما الذي حصل بينكما ليلة البارحة ""
"" هل جننتي ؟ "" صحت و ضربت على الطاولة فأجفلت أختي و أبعدت وجهها قبل ان يكون التالي"" ما الذي تتفوهين به ؟ ما الذي قد يحدث بيني و بين ذلك المصيبة ؟ ليلة البارحة كانت ليلة مزعجة ، افسدتي مزاجي أكثر مما كان عليه بكلامك الغير مفهوم ثم بعد ذلك ، التقي بذلك الفاشل رامي و حبيبته الغبية ليكملا ما بدأته انت ومن بعد ذلك يلحقني اللعين دانييل ليختم صداع الرأس هذا . هل أنت راضية ؟ ""
اقفلت اختي فمها بعد ان انتهيت و رجت رأسها بخفة قليلا ثم قالت "" تفاصيل ، اريد تفاصيل ""
تنهدت بحنق لا مزاج لي للثرثرة لكنها أجبرتني بالنقر على جسدي و شد ملابسي "" لحقتني المسماة ديمنة الى صالة السيدات حينما كنت في المسبح ، أزعجتني بثرثتها المعتادة فأزعجتها أنا ايضا بالرد ""
""ياآلاهي "" جعدت اختي ملامحها و كأنها امتصت ليمونة "" فعلتي ذلك ثانية يا ملكة ، لماذا انت هكذا ؟ ""
"" اخرسي "" صحت ثم استرسلت بعصبية "" دانييل شهد كل ذلك برفقة رامي ، و أعطى نفسه الحق في توبيخي كذلك ""
"" وبخك ؟ "" اشتعلت ملامح اختي فجأة و كأنها تستمع الى قصة رومانسية ثم حثتني على الاكمال "" كيف وبخك ؟ ما الذي قاله ؟ ""
"" هراء "" قمت من مكاني اذرع الردهة "" ما الذي تتوقعين من ذلك الغبي ان يقول ؟ ""
"" حسنا "" قالت اختي و قامت تذرع الردهة معي ، عينيها ضيقتين و يدها على ذقنها و كأنها تحقق "" الم تفكري لماذا لحقك دانييل من الاصل و قبل ان تحصل تلك الدراما امامه ؟ ""
صمتت لأنها على الحق ، ما الذي كان سيحصل لو لم يكن أولائك الرعاع هناك ؟ يا الاهي كيف كنت سأفر منه ؟
و من هذه الفكرة ، لمعت صور من ليلة البارح أمام عيناي . ومضة لدانييل يخلع فيها ملابسه قرب المسبح ثم ومضة حيث يفرد كتفيه كالنسر ليسقط بسلاسة في الماء ثم يسبح الي . ومضات اخرى لصفاء خضرة عينيه ، و لحيته و شعره اللذان غمق لونهما بدرجة بعد ان تبللا ، رائحته الحسية ، و صوته العميق حينما كان يوبخني ، لازلت اشعر بخشونة شعر جسده و تشنج عضلات صدره تحت كفاي ..
اللعنة !
"" أين ذهبتي ؟ "" عدت الى الواقع بتصفيقات اختي امام وجهي ، فأجبتها "" هااه ؟ ""
"" في ماذا كنت تفكرين الآن ؟ "" سألتني بنبرة تحقيق "" سألته أليس كذلك ؟ ماذا قال ؟ ""
"" لقد راوغ عن الاجابة لانه كان منشغلا بتوبيخي كما اخبرتك ""
"" امممم "" عادت الى تذريع الغرفة "" حسنا "" ثم عادت الى الوقوف امامي "" اتذكرين عندما اخبرتك مساء البارح أنني أعلم شيئا ؟ ""
"" نعم ؟ "" أجبتها بارتياب .
"" حسنا ، لا استطيع ان اتركك هكذا كالأطرش في الزفة ، أظن أن دانييل معجب بك ""
"" م.. ماذا قلتي ؟ "" سألتها غير متأكدة ان كنت سمعت كلامها بشكل صحيح ، فنبض قلبي المتسارع غطى على مسامعي .
"" دانييل معجب بك "" أعادت كلامها ببلاغة و سلاسة و كل ثقة و بدون أن يرف لها جفن ..
"" ما ....ما الذي جعلك تظنين هذا ؟ هل أخبرك ؟ هل تكلمتما عني ؟ "" شددت ذراعها بتهديد لكن التوتر أكلني من الداخل ""هل اخبرته شيئا من ما قلته البارحة ؟ ""
"" اهدئي "" انتشلت ذراعها من قبضتي و اضافت مبتسمة "" لم اخبره بشيء ""
"" اذا هل اخبرك شيئا عن .. اعجابه.. بي ؟ هل يمكن لشخص ان يعجب بشخص هكذا في ظرف اسبوعين ؟ ""
"" اووه اخرسي "" رمقتني اختي بنظرة منزعجة "" دانييل كان في حياتك من قبل ""
"" نعم "" اجبتها باستهزاء "" كان طفلا و ليس رجلا بحجم باب منزلنا يا شوق ""
"" كان في التاسعة عشرة من عمره عندما غادر مع امه الى لندن "" صاحت بجنون و كأنها هي من انقضى صبرها لكنني أقفلت فمي ، لديها وجهة نظر .
"" الان بالتفكير في الامر "" عادت الى التحقيق "" لاطالما كان الجو بينكما مشحونا و غريبا ، تتجاهليه و يلاحقك بعيون فضولية و حينما تقتربين يتجاهلك .. ""
"" ماذا ؟ لايمكن ، ان كان هذا صحيحا لماذا لم تخبريني بهذا من قبل ؟ "" سألتها لأن كل ما اسمعه الان يبدو جنونيا .
"" اقول الحق ، لم اخبرك لانه لم يكن للامر تفسيرا،لكن الان استطيع ان ارى بوضوح انه معجب بك . أقطع يدي الاثنتين ان الفتى كان ليكون صديقا مقربا منك لو سمحتي له بالاقتراب منك يا مجنونة . نفورك منه غير معقول ، لاطالما كان دانييل حلوا ، لطيفا ، سهل الحب و المعاشرة ، كل العالم يحبه لم اشهد شخصا تعرف عليه و لم يحبه غيرك انت يا غريبة الاطوار "" شهقت "" ايعقل انك كنت سريا معجبة به و بما انك مجنونة لم تستوعبي ذلك ، و رفعت اسوارك و آليات الدفاع و عاملتيه بعنصرية لانك شعرتي انه خطر عليك بطريقة ما ؟ ""
يا الاهي .. لماذا يبدو كلامها منطقيا ؟ ايعقل ... لا لا ، لا يجب ان اسمح لها بغسل دماغي .
ابتعدت عنها ، لكنها لاحقتني و اوقفتني عن الذهاب الى غرفتي "" انا على صواب اليس كذلك ؟ و أظن الوضع لازال بينكما على حاله ، ما تغير هو انه اصبح اكثر شجاعة ليتقرب منك "" قالت تنظر الي من طرف عينيها و تنطق حروفها ببطئ و كأنني تقيلة الفهم ، و كأنها تختبر برودة الماء بطرف اصابعها قبل ان تغطس جسدها فيه .
"" بل اصبح اكثر صفاقة و وقاحة و لا يقدر حياته ""
"" ملكة "" صاحت بجنون أثار قلقي في الحقيقة ، ثم ابتسمت كالمجنونة و بهدوء استرسلت "" اسمعيني يا حبيبة اختك ، انت تقولين هذا الان و حينما يقف امامك تصبحين كقطة تموء حول رجليه ""
"" ما الذي قلته ؟ "" سألتها بتهديد لابد انها حقا رأته في لغة جسدي التي تهيأت للتطبيق حقا و ابتعدت عني و هي تقول "" لقد قلتها ، لن أسحبها .. انت معجبة به كذلك يا ملكة أستطيع رؤية ذلك ""
"" انت لا ترين شيئا يا غبية "" بصقت من بين اسناني لانني ضقت ذرعا من هذا الموضوع "" توقفي عن الهذيان ، و لا تذكري هذا الهراء مرة اخرى ""
مشيت الى غرفتي لاغير ملابسي ، فقد تأخرت بما يكفي ، فلحقتني العلقة و من باب غرفتي نطقت "" ألست فضولية لمعرفة لماذا انا متأكدة من اعجابه بك ؟ الا تريدين معرفة ما اعرفه ؟ ""
اريد ان اعرف بشدة ، لكن النبرة الشيطانية التي نطقت بها تجعلني ارغب بأن اصفع الباب في وجهها .
"" أعلم انك تشعرين بالفضول ، لذلك سأخبرك .. ""