recent
أخبار ساخنة

رواية رومانسية بالعربية : إشاعات ( الجزء الثاني عشر )

Rain Dali
الصفحة الرئيسية

 

رواية رومانسية بالعربية بعنوان  : إشاعات 


رواية رومانسية بالعربية الفصحى : إشاعات لrain dali


الجزء الثاني عشر 

🌸 ملكة 🌸

لقد قمت بتفادي دانييل اليومين التاليين لعشية رحلة الشاطئ لانني لا استطيع تحمل كل تلك الطاقة الغريبة التي يغلفني بها ، اشعر بتهديد غير منطقي عندما يكون قربي . شيء في نظراته و في الكلمات التي يختارها عندما يحدثني تقضي على  هدوئي و صفاء ذهني . أكره كل هذا ، لذلك استنتجت أن تفاديه هو الحل الامثل لضمان سلامة عقلي منه ، بما أن لؤمي لا يتمكن منه لسبب ما . 

 قضينا اليومين السابقين في التجول في دروب المدينة رغم أنه لم يكن هناك الكثير لإستكشافه . لكن التجربة كانت منعشة و مثيرة للإسترخاء بسبب انطباع الهدوء الذي تعطيه المدينة . و أظن أن هدوء في هذه المنطقة هو ما أثرعلى مزاج الذكرين بحيث قررا فجأة  التصرف كراشدين لما تبقى من ايام مكوثنا هنا . كما اصرالعم أكثرعلى ابنه في مشاركة دانييل الشقة رغم ان نورسبق و عبر بطريقة غير مباشرة عن قبوله . 

و الآن حان وقت العودة الى العمل ، و اخيرا سيبتعد الاشقرعن طريقي ..

كانت قد مضت نصف ساعة على انطلاقنا . و عكس مرة قدومنا الى هنا ،هذه المرة  قررنا الانطلاق و اتخاد طريق العودة أثناء الليل زيادة على أن نورهو المتكلف بالقيادة  لأنني لا أريد أن أصل تعبة جدا ، علي أن أعمل اليوم التالي . 

إتخدت المقعد الخلفي مباشرة خلف مقعد دانييل فقط لكي لا تتلاقى عيني بحدقتيه الملاحقتين عبر المرآة . و ظننت انني في سلام حتى قرر الذكر الضخم إلقاء مقعده مسطحا نحو الخلف - بمعنى علي انا حرفيا -فهربت نحو الجانب الاخر قبل ان يكسر ركبتي "" انت يا احمق ، ألا يمكنك ان تلقي بتحذير؟  لربما هناك شخص حقيقي بروح و لحم و دم جالسا خلفك مثلا ؟ "" صحت منزعجة من  سلوكه ، و بكل وقاحة اصطنع البراءة و رفع رأسه ينظر الي مباشرة في العينين ثم دافع عن نفسه "" عذرا يا ملكة ، لم يمر ببالي ان تكوني مختبئة هناك خلفي مباشرة رغم انك تملكين المقعد الخلفي بأكمله "" 

صمتت .. أنظر اليه و أنا عاجزة عن الكلام لأنني أعلم جيدا انه فعل ذلك ليجبرني على الخروج من مخبئي ، فقد استعمل كلمة "مختبئة " و كلامه لم يخفي نبرته الساخرة كذلك . 

 حين لم أعد بأي رد ، ابتسم لي ثم عرض علي شكلاطة داكنة ، فأخدتها منه بأكثر طريقة لئيمة ممكنة و من دون شكره أيضا . 

بعد ذلك اشغلت نفسي بمراسلة اختي قليلا ثم تجولت في السوشل ميديا ، لكن سرعان ما شعرت بالضجر و وضعت الهاتف . 

كان نور يدندن مع الموسيقى الصادرة من راديو السيارة  ، و من زاوية عيني راقبت ما يفعله دانييل أيضا ، و كان منشغلا بمراسلة شخص ما ، لا بل عدة اشخاص ، ثم توجه الى تطبيق اخر و اجاب رسائل اخرى . 

يا الاهي ، إنه حقا فراشة اجتماعية . 

"" لا استطيع الانتظار حتى اتذوق الستيك من صنع يديك "" نطق دانييل بشكل مفاجئ مما اربكني و ابعدت عيناي عنه قبل ان يتم القبض علي . 

"" نعم ، ذلك سيكون بقيمة 1000 درهم "" أجابه نور مباشرة و بدون تلعثم . 

"" لاطالما ظننت ان الطباخين المتخصصين في طهي اللحوم نصابون "" رد دانييل بوجه جدي شبيه بوجه ابن عمه رغم انهما يمزحان . 

"" لا نستطيع أكل قطعة خبز معكم يا معشر البخلاء ""  

وضع دانييل هاتفه على جنب ثم اخد وضعية اكثر استرخاءا على المقعد المسطح و قال ""هناك مهرجان انا مدعو للمشاركة  فيه و سيقام في غضون ثلاثة اسابيع تقريبا "" 

"" و انا اسمع هذا الكلام لاي سبب بالضبط ؟ "" سأل نور ساخرا رغم ان الجواب كان واضحا جدا .

مهرجان مكان مناسب جدا ليروج لنفسه كطباخ  ، و بمساعدة من دانييل الموسيقي الصاعد في الشهرة و الذي يجيب ما يقارب الخمسة عشرة رسالة في مرة واحدة ، حتما ستكون هناك نتيجة . 

"" سأجيبك حينما تنضج "" 

لمحت ابتسامة نور الجانبية و لمحت الطريقة التي وجه بها دانييل تركيزه الي بعد ان انتهى من ابن عمه ..

ها نحن ذا من جديد .. ! 

"" اكره ان رحلتنا الصغيرة هذه قد وصلت الى نهايتها "" 

و أكره أن وجهه الوسيم قريب من وجهي ..

"" لكنني مسرور بحدوثها على الاقل ، لقد نلت تماما غرضي من هذه الرحلة "" لم اجبه بل سبقني نور بسؤاله "" و ماكان غرضك من هذه الرحلة بالضبط ؟ "" 

""  مصالحتك يا ابن عمي "" اجاب دانييل و عيناه لازالت تتفرس وجهي في حين كفه صفعت فخض نور، فنال منه شتيمة قذرة . 

من الطريقة التي كانت يتحدث بها و ينظر الي ، افهمني انه لا يقصد ما قال .. لكنني لا اعلم ما كان يقصد ايضا . 

🌸

أيقظني نور في وقت ما ، فتبين اننا قد وصلنا بالفعل و كان ذلك اسرع مما توقعت . لهذا تماما احب القيادة في الليل ! 

رغبت بالهرب بأسرع ما يمكنني ولكن هناك الكثير من الحاجيات يجب علي مساعدتهما بنقلها الى أعلى ، فتكلفت بالاشياء الصغرى و تركت لهما الأكبر ، فلست انا عريضة الكتفين هنا . 

انتهينا حينما ظننت انني على مشارف الموت . و نعم نقلنا حاجيات نورالى غرفته في شقة دانييل فأصبحت شقتهما الان . 

كنت في طريقي الى الأسفل حينما اعترض سبيلي الاشقر ، و بهدوء اخبرته ان يصبح على خير لكنه اوقفني عن المضي في طريقي حينما قال "" اذا اعطني رقم هاتفك لكي اعلمك إن أصبحت على خير ام  لا "" 

اوووه لا ، ليس هذا يا الاهي .. هل ظننت حقا انني سأستطيع قطعه من حياتي بعد عودتنا ؟ الرجل حرفيا جاري . 

كل هذا بسبب تأنيب ضميري اللعين ، لو أبقيت على موقفي في رفض مشاركته الطعام لما تجرأ على كل ما يفعه الان . 

انا لا اريد صداقته ، لا اريده قربي .. 

"" هل تفكرين باعطائي رقما خطأ ؟ "" 

"" لم سأعطيك رقما خطأ ؟ انا اسكن في الطابق السفلي "" اجبته بانزعاج .. لا اريد اعطاءه خيطا يصله بي كلما رغب .

"" نعم ، هذا تماما ما توقعته فأنت أذكى من ذلك "" 

"" سأعطيك رقمي ، لكن ليس مسموح لك بان تراسلني او ان تكالمني ، للطوارئ فقط "" 

"" حسنا "" رفع يده "" أعدك ، للطوارئ فقط "" 

بتنهيدة شقاء  رقمي في هاتفه و تجرأ الاحمق على ان يمسكني الى ان ظهر رقمه على شاشة هاتفي في مكالمة  . 

"" والآن "" تنحى جانبا و انحنى بركعة غبية بيد على ظهره و اخرى مشيرا بها نحو الدرج "" جلالتك ، تصبحين على خير "" 

كنت قد بدأت بنزول الدرج عندما تكلم لكنني توقفت في مكاني كلي استغراب و تعجب حينما استوعبت ما قاله  "" جلالتي؟! "" 

اعتدل بوقوفه و ابتسم لي ابتسامة ملأت وجهه حين قال "" ألست .. ملكة ؟ "" 

🌸

مهما كانت تلك التعويذة التي القاها علي في الدرج ، قد نجحت . لقد امضيت ما تبقى من الليلة احلم به . 

ينظر الي ، يبتسم لي ، يحدثني و يلمسني . سحره شملني كضبابة و حملني الى حيث لا وزن لجسدي ، يتلاعب بي كما شاء . 

و حينما استيقظت كانت اختي من ايقظتني من الحلم . لم أكن متعرقة و لا حتى فزعة ، و هذا غريب لأن وجود ذلك الشخص في احلامي يجعلها تلقائيا كوابيس . 

و ما زادني انزعاجا هو ابتسامة اختي الغبية و هي تسألني ما بي و بماذا كنت احلم . تجاهلتها طبعا و قمت من مكاني متجهة نحو الحمام ثم تلى ذلك صرخة . لم أخبرها انني قصصت شعري ، و صرختها  هذه لم تكن بسبب صدمتها و انما بسبب حماسها ، فهي تميل إلى تكبير كل موقف بشكل درامي . 

في المتجر ظلت تلاعب شعري القصير و تتحدث عن امكانية فعلها هي الاخرى . لكنني اعلم عن يقين انها تحب شعرها طويلا . 

ظلت تحوم حولي كقرش جائع جل الصباح . تسأل عن الرحلة و عن كل ما فعلناه و مع من و عن ما تحدثنا ، تركز كثيرا على التفاصيل . لم أعلم ان شخصا قد يكون فضوليا الى هذ الحد ، يا الاهي .. 

"" تمنيت حقا لو كنت معكم هناك "" استمرت اختي في ثرثرتها بينما اتمم بعض الحسابات بما ان اختي رفضت ان تقوم بذلك في غيابي "" كنت لأشهد تحول مشاعرك نحو دانييل امام عيناي "" 

هاااه ؟!! 

"" اعيدي ما قلته ؟ "" سألتها بتهديد و انا اصفق بقلمي على الطاولة ، احدق فيها بشدة لتقرأ تهديدي صحيحا و لتجرأ على اعادة ما قالت ..

 "" أعني "" استمرت بصفاقة و هي تبعد عينيها عني مدعية الانشغال بمسح سطح مسطرات السلع "" لقد كنت على وشك ان تطرديه ما ان لمحت وجه المسكين في الشقة اعلى و الآن تتحدثين عن سرورك بمصالحته ابن عمه و تهذين باسمه في حلمك كذلك ؟ "" 

سقط ذقني على الأرض .. لا يمكن انني سمعت ما قالت بشكل صحيح ، لا يمكن انني أخجلت نفسي امام هذه الحمقاء . 

"" نعم لقد رأيت كابوسا و كان ذلك الشيطان فيه ، انا مسرورة لمصالحتهما لمصلحة نور و لا شيء غير ذلك "" انجدت نفسي بأول شيء طرأ على ذهني .

"" حسنا اهدئي ، لا حاجة لأن تنفعلي هكذا .. فنحن نتكلم فقط "" اكملت جملتها بنبرة لم تعجبني ثم مشت نحو الباب و قالت "" سأذهب الى البيت لأعد وجبة الغذاء ، اغلقي المتجر في وقته "" 

ثم انصرفت ... 

🌸

فعلت ما أمرتني به اختي الكبرى و اغلقت المتجر في الوقت المحدد ثم توجهت الى البيت . 

لا اعلم ما هو وضع الشابين فلم يظهر اي منهما مدة الصباح بأكمله ، مما يؤدي الى توقع انهما لا زالا نائمين . انا الاخرى اشعر بالتعب فلم انم سوى ثلاث ساعات . 

فتحت باب الشقة ثم علمت من كثرة الضجيج  و الموسيقى و الحركة في البيت انه لا توجد اختي فقط ، بل الشابين كذلك . توجهت الى المطبخ و القيت السلام . كان نور منزويا في اخر المطبخ ، مشمرا ساعديه السمراوين و يحمل سكينا طويلة لم ارها منذ عيد اضحى السنة الماضية و يشرح بها لحما احمرا الى شرائح . بينما دانييل و اختي يقفان في جوانبيه الاثنين و يسجلان عمله ،لينشراه على ستوري السوشل ميديا بكل وضوح و تأكيد . 

لا اعلم كيف تغيرت الخطة من تحضير غذاء بسيط لي و لاختي الى وليمة ستيك يحضرها نور بنفسه ، لكنني فكرت في الانسحاب و تركهم لجو الاحتفال هذا و اهرب الى غرفتي و استرخي لبعض من الوقت بعد ان اخد كوب ماء معي . 

و حين كنت اقوم بفعل ذلك تماما ، سمعت اسمي يلتوي في لسان عميق النبرة بشكل بطيئ فشعرت فورا و كأنني في ورطة . 

استدرت اليه على مهلي ثم واجهته ، انظر اليه آتيا الي ، يبتسم لي ، و ينظر مباشرة الى عيناي بعينيه التي لا يمكن سبر غورهما ، تماما كما في الحلم ، و يلمسني بكل حركة يفعل حتى عندما وقف مباشرة امامي و يديه تستقران في جيبي سرواله القطني الاسود . 

سقطت عيناي على شفاهه حينما انفرجت "" اعطني الاذن لإسقاط الوعد ، لا اريد مراسلتك فقط للطوارئ "" 

"" ماذا ؟ "" همست بضياع لانني لا اعلم عن ما يتحدث كما انني استطيع رؤية ان حديثتنا هذا بدأ بإثارة اهتمام اختي . 

قرر ان يقترب مني و كأنه لا يداهم مساحتي الشخصية من الأصل و أعاد "" اعطني .الاذن .الآن "" 

يطالبني بإعطاءه الاذن لكن لكنته كلها أمر و سلوك جسده كله هيمنة ، فوافقت على مهما كان ما يقول فقط ليبعد لعنة الخضراوتين عني . ثم استدرت و غادرت المطبخ لاتخلص من الحمى التي ضربتني فجأة . 

اضطجعت على فراشي انظر الى سقف غرفتي و تساءلت لماذا ارى وجهه هناك ايضا ؟ 

حسنا ، علي ان استعيد السيطرة على نفسي ، لاطالما كان كالعلقم في حلقي ، موجود هناك يزعجني و يصعب التخلص منه . كنت اعامله بلؤم و اشعر بالرضى عندما يجد صعوبة في التقرب مني ، و الآن عندما واجهت النسخة البالغة منه ، اصبح الوضع مختلفا ، فالرجل لم يعد يتجنبني كالطاعون ، بل اصبح يحدق في عيناي و يجبرني على محادثته عوض عن ان يتجاهلني . 

أفهم الان من خلال سلوكياته انه يريد ان يخلق علاقة صداقة بيني و بينه . و لا امانع ذلك في الحقيقة ، فأنا ناضجة الان و لم يعد  مقبول مني ان اعامل الناس بلؤم ما لم يستحقوه  ، و دانييل لا يستحق مني ذلك على الاطلاق ، لكن لا استطيع قبول صداقته لانه يؤتر علي بطريقة لا احبها ، لا أستطيع الاسترخاء حوله ، لا اكون على سجيتي في وجوده . 

اكره ان رجلا ما كنت ابغضه في وقت ما يستطيع التأثيرعلى سلوكي . لا اقبل ان رجلا قادرا على جعلي أتورد . 

لاا ..

اصدر هاتفي رنة قصيرة ، فأخرجته من جيب بنطالي لأتواجه مع رسالة من رقم غير مسجل في هاتفي .. 

دعني احزر .. اللعين دانييل .

فتحت الرسالة لأنني فضولية ، ما الذي قد يرغب باخباري عنه و انا في نفس المكان معه . 

أحب جدا أن يضايفني كل افراد البيت عندما ازور أحدا 

هذا ال... كيف تجرأ ؟ 

= لماذا تظن انني أهتم بما تحب ؟ = 

لم يجب رسالتي رغم ان رمز قراءة الرسالة قد ظهر لي و عندما أعدت قراءتها بعد عشر دقائق ، تبين لي ان الرسالة كانت تبدو غير مرحبة . 

قليلا فقط ..

كان ابي ليجذب أذني لو شهد ما أفعله الآن ، لذلك فقط من أجل أبي غادرت غرفتي و توجهت الى المطبخ . 

"" ألم يجهز الطعام بعد ؟ أنا أتضور جوعا "" أعلنتهم عن وجودي بالسؤال و التفت الي نور اولا "" هل تنتقدين مهاراتي الان يا ملكة ؟ أنت على وشك تذوق الذ شريحة ستيك في كل حياتك "" 

"" سأرى "" همست ثم من زاوية عيني حاولت معاينة ما يفعله دانييل و اختي ، فلم يعيراني انتباها حينما دخلت ، كانا يفعلان شيئا رأسا جنب رأس وبشكل حذر . اقتربت لانني اشعر بالفضول و تبين انهما يجردان فاكهة التين الشوكي من قشرتها الشوكية . 

يا الاهي لم أكلها منذ الصيف الماضي لذلك لم امنع نفسي من انتشال الحبة التي افرغ دانييل من تقشيرها توا - و لم افعل هذا فقط لانني اشتهي الفاكهة و انما لاجعل دانييل اللعين يفهم بطريقتي الغير المباشرة ان الامور بيننا مستقرة كما هي و لم اعد لطرقي القديمة - و عندما قضمت منها اخبرتهما انها حلوة كالعسل . استمر دانييل في التقشير بتركيز و حذر و عادت اختي لمساعدته بعد ان هددتني بالابتعاد قبل أن انتشل المزيد . 

رسالته كانت توحي على انه يريد رفقتي ، و الان عندما غادرت غرفتي كما رغب لم يلقي الي بالا و لا حتى بنصف نظرة .  ماهذا الآن ؟

لا افهم منطق الاجتماعيين ، لماذا يقولون اشياء هم لايقصدونها طول الوقت ..؟ 

ساعدت نور في الاخير الى ان جهز الطعام و تناولنا وجبة الغذاء . و استنتجت ان نور لم يكن يبالغ حينما اخبرني انني على وشك تذوق الذ شريحة لحم ، فقد كانت عصيرية ، تذوب على اللسان ومنسمة بإكليل الجبل و الزبدة و متبلة بشكل مثالي . 

لم اخبره بكل هذا لكي لا اغذي غروره ، لكنه ابتسم بسماجة حينما رأى صحني الفارغ ، كما ان اختي و دانييل امطراه بالمجاملات . 

استمر ضحك اختي على قصص دانييل جل الوقت وشاركهما نور بتعاليق ساخرة . أنا في نهاية الطاولة كنت أشعر بالغرابة ، لا اعرف كيف اشارك الاجتماعيين في هذه الاجواء ، اكتفيت فقط بتناول فاكهة التين الشوكي في صمت . 

و حينما انتهيت حملت صحني الى المطبخ و توجهت الى الحمام لاغسل يداي ، و كان قد تبعني نور ليفعل ذلك ايضا حينما سألته "" كيف هي الامور فوق ؟ "" 

"" الشقة جيدة و غرفتي مثالية من حيث الاضاءة و المساحة ايضا "" قال و هو يجفف يديه في المنشفة التي انتشل من يدي . 

"" انا لا أسأل عن ذلك "" قلت فهزز رأسه باستوعاب "" ااه ، لا تقلقي يا امي لم اتشاجر مع ابن عمي "" استرسل ساخرا "" فنحن رجلان ناضجان الآن "" 

"" نعم "" سخرت مغادرة الحمام "" اراهن على ذلك "" 

🌸

مضت يومين في غمضة عين ، لا اركز في شيء غيراعمال المتجر و النوم . 

كذبت ، في الحقيقة فكرت قليلا في دانييل و في تجاهله التام لي ، و لم اقرأ منه رسالة اخرى كذلك .

تقضي اختي وقتا كثيرا معهما كلما تواجدوا تاركة العمل لي ، و لا الومها فقد سافرت مرتين هذا الصيف تاركة العمل على عاتقها ، لها الحق في فعل ذلك ايضا .

كنت انهي المكالمة مع أحد موزعي السلع حينما عادت اختي من البيت ، لكن لا أظنها عائدة للعمل فهي تبدو مرتبة و مهندمة بل جميلة في تنورتها الرمادية الضيقة ذات الطابع الرياضي ، ترسم شكل جسدها الأنوثي في مسيج من اللطافة و االجرأة  وتصل الى تحت ركبتيها بانشين و ترتديها مع حذاء رياضي ابيض وفاردة شعرها الداكن الذي اعلم انها قضت الساعة الاخيرة في حرقه امام المرآة . 

تضع القليل من الحمرة على شفتيها و الماسكارا و مبالغة قليلا في وضع حمرة الخدود ، قد يبدو ذلك جنوني لكنها تعلم كيف تجعله يبدو لطيفا فوجهها يساعد كثيرا على ذلك .اذا وضعت ذلك كما تفعل هي ، سأبدو كشيطان يضع الحمرة . 

"" لا تجعليني أصعق أحدهم ثانية بصاعق الكهرباء يا شوق "" ضحكت شوق على التعليق فهي تعلم انني اخبرها بكلامي انها تبدو جميلة ، فجعلتني اندم عندما حضنتني  جانبيا و قبلت خدي واضعة طابع قبلة باحمر شفاه على بشرتي . لم ابادلها اي من ذلك . 

اخرجت حمرتها و اعادت وضعها امام مرآة على الحائط كانت هي من وضعتها هناك و هي تقول "" لم أخبرك سابقا ، سأخرج بصحبة نور و دانييل "" 

"" برفقة نور و دانييل ؟ "" أعدت اخر جملتها افكر ، و تذكرت ان نور قد دعاني للخروج هذا المساء لكنني رفضت حينما علمت ان دانييل سيكون هناك ، لا اريد ان اعيد مشهد وليمة الغذاء مرة اخرى ، لم اكن على سجيتي ذلك اليوم . 

"" نــعم ؟! "" أجابتني ضاغطة على الكلمة و هي تعاينني بنظراتها و كأنها تحاول قراءتي "" هل هناك مشكلة ؟ تتصرفين بغرابة و تحديدا قبل ان تسافري مع نور و دانييل لكن في اليومين الاخيرين زاد شرودك حدة ، هل هناك ما يجب عليك اخباري به ؟ "" قالت مبتسمة بحلاوة لكن حتى احمر الخدود اللطيف على خديها لم يفلح في اخفاء شيطنتها و هي تحاول وضع شيء في دماغي . 

اختي قد تحمل وجها لطيفا ملائكيا و قد تعطي انطباعا ملائكيا في شخصيتها كذلك ، لكن جانبها الشقي و الشيطاني لا يعرفه احد سواي و ابي قبل موته . 

"" ماذا تقصدين  ؟ "" حاولت مراوغة ما تحاول فعله و هي تقترب مني . 

"" ما الذي يحصل بينك و بين دانييل ؟"" سؤالها المباشر وقع كالطوب على رأسي ، ما الذي يحصل بيني و بين دانييل ؟ ما هذا السخف .. 

"" هل سمعتي ما قلته ؟ "" هددتها بطريقتي لان ما تقوله الان ... هراااء . 

"" نعم ، و لن تخيفيني يا ملكة بتهديداتك المبطنة ، انا لست غبية و لا حمقاء . لم ارك متوردة امام ذكر في حياتي ، و دانييل جعلك كذلك أمام عيناي و أكثر من مرة . هل رأيت كيف كنت متصلبة امامه ذلك اليوم في المطبخ ، ساهمة بعيون واسعة في وجهه كالحمقاء ؟ لا ألومك في الواقع فذلك اللعين وسيم لدرجة  انني افقد ادراكي في بعض الاحيان . يجعلني اتساءل هل ذلك الشيء حقيقي . لكن لنعد لموضوعنا ، فانت تهدئين في حضوره ، تصبحين ... كيف اقول ؟ متصلبة ؟ و كأنك مدركة انه ذو تأثير عليك ، يجعلك تفكرين في كل تصرف تقدمين عليه ، يجعلك تفقدين التقة ، يوترك .. اليس كذلك ؟ "" صمتت ثم ضيقت عينيها و هي تحاول قراءة صمتي . 

لا اعلم كيف استطاعت استنتاج كل هذا بعقل الفرخة الذي تحمل في جمجمتها ، لكنها اصابت في جل وصفها ، فدانييل حقا يفقدني تقتي في نفسي رغم انه لا يفعل شيئا سيئا يؤثرعلي بالسوء . لكن اكره انها استطاعت قراءة كل هذا ، هذا يجعلني افكر ان دانييل هو الاخر يمكن ان يكون قد لاحظ . 

لا أريده أن يستنتج افكارا سخيفة مثلها ..

"" حسنا ، نعم ، كلامك صحيح "" اعترفت لها ، اعلم الان انه في بعض الاحيان انسى ان اختي تعرفني جيدا و ان انكرت سوف تستمر في مضايقتي و قد يلهمها عقلها الملتوي في فعل شيء ما انا لن أقدره . 

"" اعرف "" هززت رأسها بابتسامة ملتوية "" اعرف ان كلامي صحيح "" 

"" ليس كله في الواقع  "" قلت "" فليس هناك شيء بيني و بينه ، انت تعلمين انني لا احتمل ذلك الشخص ، احاول ابقاءه بعيدا عني لكنه يستمر في التقرب مني و ازعاجي ، سلوكي المختلف الذي لاحظتيه هو في الواقع ارتباكي ، فانا لا اجد سببا لطرده من البيت او لاخباره بالتوقف عن التكلم معي ، سيكون سلوكا غير ناضجا ، لذلك ارتبك حينما يتحدث الي  ولا اعرف ماذا افعل "" 

"" اووه يا اختي "" مشت شوق نحو باب المتجر هي تتكلم و ادركت انه هناك هديرسيارة تقترب من الباب "" أنت تكذبين على نفسك ""

"" اعيدي ما قلتي ؟ "" تبعتها الى الخارج و قد بدأت اشعر بالانزعاج من كل هذا .. 

زمّرت السيارة البيضاء المزمجرة المركونة على جنب فاشارت شوق لدانييل و هي تهمس بشيطنة "" انت لا تعلمين شيئا ، لا تعلمين شيئا يا اختي الصغيرة "" انهت كلامها ثم مشت نحوالسيارة بدون ان تترك لي فرصة في الرد او سؤالها عن ما لا اعلم بالضبط . 

لكن قبل أن تتحرك السيارة تلاقت عيني بعينيه ينظرالي بشدة و كثافة  ، لأول مرة بعد يومين .. 

يبدو وسيما ، متأنقا ، جذابا ، آخدا الانفاس كالعادة . 

رفع اصبعا و وضعه على جبينه كتحية عسكرية لكن اكثر استرخاءا، ثم انطلق بالسيارة مسرعا و كأن الشياطين في اعقابه . 

ما الذي لا أعرفه ؟ ..


google-playkhamsatmostaqltradent