ماحاك في القلب خاطر هي رواية رومانسية/إجتماعية ،و تضم أربع قصص لأربع ثنائيات : خاطر-شغف ، عامر-سلوان ، درة-قاسم ، ساهر-هويدة . كلها قصص تتمحور حول الإنتقام أو على الأقل تميل إلى ذلك .
وجدت الرواية غنية بالأحذاث و أفكار الكاتبة جميلة ، كما عودتنا تميمة نبيل . لقد شرحت الأحداث و عولجت حبة بحبة بشكل ناضج و متناسق جدا .و لم أتذكر أنني وقفت عند أي حدث لم أفهمه .
كان تقديم الشخصيات في البداية مشوق و سلس ، شعرت بالفضول للتعرف على كل واحد منهم ، محاولة ربط الخيوط بينهم .
خاطر بتشاؤمه حول ظروف حياته ، و شغف بغموضها الغريب ، درة و سلوان و رابطتهم الفريدة ، ساهر و نسيبة و علاقتهم السامة ، و قاسم الشرير بهوسه في مطاردة درة ، ثم عامر الطبيب /الكاتب و خفة دمه التي لم تكن إلى رداءا لسواد قاتم تكون بعد تعرضه لطعن الخيانة الزوجية ، و هويدة التي أعجبت بها حتى قبل ظهورها (مشهد تكلمت فيه بعض الشخصيات عليها بالسوء) و أحببتها عند ظهورها لكن وجدت في بعض سلوكيتها الصبيانية و المبالغة رغم أني فهمت لاحقا سبب ذلك و هو مرضها العقلي . فقط لم أجد ذلك واقعيا جدا . مثلا : مشهد لقائها لاول مرة مع ساهر ، ما ان خاطبها بكلمة حتى إنخرس صوتها ، ضحكت بدون سبب ثم عطست مباشرة بعد ضحكها . لا أعلم لكن هذا المشهد كان غريبا .
لكن عدا هذا فقد احببت هويدا ، كانت كالنسيم الخفيف ، احببتها جدا و سرقت قلبي بلطفها ، كنت في جل اجزائها اشجعها في نفسي كأم فخورة . لكن عند الفصول الأخيرة و تحديدا بعد زواجها ، وجدتها تتصرف كمدللة أكثر منها شخصية تعاني من إضطراب .
لقد أعجبت بتطرق الكاتبة لمرض عقلي من الأمراض الموجودة في مجتماعاتنا و التي تفسر بتفسيرات خزعبلية . ذلك سيسلط الضوء عليها و يغير تلك النظرة الناقصة التي يتلقاها المرضى . لقد إحترمت الكاتبة تميمة على هذا ، لكنني أحبطت قليلا من الطريقة التي طرح بها المرض ، فلم تكن مقنعة و واقعية كما أن ساهر لم يعرف كيفية تعامله معها بالشكل الصحيح .
شغف كانت شخصية غريبة ، الاقل تفضيلا بالنسبة لي من شخصيات الإناث ، لم استطع تمييز مشاعري نحوها ، لم اتفق مع طرقها و اساليبها و لم استطع محاكمتها كذلك . كانت تجربتي معها غريبة ، جزء مني تفهمها ، لقد تعاطفت مع قصتها المؤلمة و الجزء الآخر ... لا أعلم .
علاقتها بخاطر كانت سامة قليلا لكن إستثنائية ، أحببت ولاءه لها و لعائلته لقد كان هذا جانب خاطر الأكثر نبلا ، لكن كرهت عماها هي عن المنطق و الواقع و غرورها في الحكم على الآخرين .
خاطر كان وفي من جهة لكن ناقم من جهة اخرى ، لقد قسى على شغف في أوقات كانت هي فيها ضعيفة ، فظننت أن ذلك سلوك يعبر عن القليل من نوع من الأنانية فيه .
سلوان ، يا إلاهي ، لقد كان مرضي جدا رؤية شخصيتها تتطور من ممسحة أرجل متواكلة على الآخرين إلى إمرأة واثقة من نفسها و قادرة على تحمل مسؤولية ترتيب الفوضى في حياتها . أحب أن تكون مثالا يستلهم منه .
و علاقتها مع درة ، كانت أكتر علاقة في الرواية نالت دعمي و حبي ، كسرت تميمة نبيل تلك الصورة النمطية التي تميز بها إمرأتين تشاركا ذكرا واحدا . احببت صداقتهم جدا ، و شاهدتها تتطور من علاقة كره ، حقد و غيرة إلى علاقة صداقة متينة مستعدتان تماما على خرب بيت كل من أزعج واحدة منهما . أحببت دعمهن لبعضهن .
قاسم الشرير كان شريرا بالفعل ، ظننته في الاول مجرد متنمر يطارد درة على حساب قديم لكن تبين في الأخير أنه جمعتهم قصة طويلة في الماضي .
قصتهم إنتهت في الماضي بعد هروبها أو زواجها، لكنها تبدأ من جديد بعد طلاقها .. و في كلتا الحالتين ، كانت جد سامة حد الإرهاق ، لقد إستنزفتني هذه العلاقة (الى جانب شغف و خاطر) كلما تطورت كلما ساءت .
قاسم كان عنيدا مصرا على الإرتباط بها ، و هي كانت عنيدة رافضة بإصرار حديدي . احببت شخصيتها القوية و عدم استسلامها و خنوعها لظروفها السيئة ، فقد كانت محاربة بضراوة .
مشاهدتها تستسلم لحب قاسم في الأخير كان غريب بناءا على كرهها له منذ صغرها . لكن بالنظر إلى إستمراره في حمايتها بدون علمها و إستمرار حبه لها رغم كل ما مرا به ، تجد ان هذا كان الماء الذي سقى برعم حبه في قلبها .
نسيبة ، ياله من إسم ، لقد أحببتها ، نعم أحببتها ، ليس كشخص بل كشخصية نرجسية روائية . يالها من مريضة النفس ، شرسة الطبع . لقد جعلتني تميمة أنفرها بإحساس مقيت كلما توحشت نظرتها و صرخت بقهر كلما خاب أحد ما بتحقيق مبتاغاها .
وصف شكلها ، و الطريقة المغرورة التي تمشي و تتكلم بها ، و الطريقة التي توصف بها تعابيرها و ردود أفعالها ... كلها أشياء تحدثت عن شخصيتها النرجسية بمثالية . أرفع قبتي مهنئة لتميمة لأنها فعلا أحسنت بصنع هذه الشخصية .
نهايتها كانت مفتوحة لكن مرضية جدا ..
تمنيت لو أن ساهر أخد حقه منها فقد نهبته منه و لم تستحقه ، لكن عدم فعله ذلك كان تعبيرا عن شخصيته الغير المادية ، و كان هذا مدعى للإحترام .
شخصيات الإناث كانت مختلفة ، متنوعة بشخصياتها . كل واحدة منن لها طعم ..
لكن لم أر ذلك في شخصيات الذكور رغم أن الكاتبة حاولت خلق صفات الإختلاف ، لم أعجب بواحد منهم .. كلما أملت للتعاطف مع واحد خيب أملي بشيء ..
و هو نفس الشيء الذي جعل كل شخصيات الذكور و كأنهم شخص واحد ..
و الشيء هو ذكوريتهم السامة ، و كأنهم يتحدثون بصوت واحد .
يهددون بالضرب ، يصرخون غضبا في كل نقاش ، يدفعون البطلة حد الترنح او حتى السقوط بلؤم عند الإنتهاء من كل مناقشة حادة و الصفع المستمر و التقبيل بدون موافقة الشريكة ..
لقد بدأت بالفعل في الإيمان أن الذكور في الواقع نبلاء بالمقارنة بأبطال الروايات العربية ..
""هل تريدين أن اضربك ؟ هل هذا هو ماتسعين إليه ؟ لانني على وشك إنتزاه الفرصة ممتنا ""
هذا كان تهديد من خاطر أو قاسم لا أذكر ، المغزى هنا ، ماذا يفترض ان اشعر بعد هذه الجملة ؟
يا إلاهي جد رومانسي ؟!
محاولة اغتصاب ، التهديد بالضرب و السجن في القبو و التعذيب و التهديد بالقتل شيء غير رومانسي . كان قاسم من هدد درة إن غادرت البيت سيفعل كل ما سبق. و وصف الكاتبة جعل تهديده واضحا بشكل جاد .
خاطر صفع شغف رغم ظنه أنها حامل ، و صفعها في مشهد ما تلاتة مرات متتالية ..
لم أفهم ، ألا فم و عقل له ليتحدث و يناقش ؟ ألا يستطيع إيصال وجهات نظره 'الرجولية' بدون إستخدام العنف ؟
العالم بنسائه و رجاله يحاربون العنف الجسدي بشتى مظاهره و نحن نقحمه في الروايات الرومانسية كسلوكيات رومانسية ؟
تميمة نبيل اذكى و أنبل من ذلك ، فقد أظهرت الكتير من الرسائل السامية في رواياتها ، فلم لم تلحظ هذا التفصيل !
أعلم ان الصفع لا يعادل الضرب المبرح المؤدي لعواقب أخفها كدمات . لكن يبقى مظهر من مظاهر العنف الجسدي ، فمن يصفع يستطيع الضرب .
لا أعلم ، مسألة العنف الجسدي من قبل الشخصيات الذكور نحو الإناث، ضايقتني و استفزتني كتيرا .. سلوكياتهم همجية بعيدة عن التحضر .
هناك أيضا مشهد لخاطر في دكان صديقه (مشهد لا ضرورة له )، كان يراقب أنثى تتمشى في الدكان و هذا ماكان يدور في ذهنه ..
""زفر خاطر و هو يراقب صديقه يقترب من فتاة .. ترتدي بنطالا من الجينز عبارة عن أرداف نمت لها ساقان "" عفوا ، ماهذا الوصف ، بماذا يفترض على امرأة مكتنزة أسفل جسدها أن تشعر من هذا الوصف ، الإنسان ليس مسؤولا على اختيار شكل جسده . هناك من يسمن فتطلع بطنه (كالمحامي الذي حوكم على جسده البدين و هو ايضا شخصية ضيفة على الرواية) و هناك من تسمن و تتكدس الدهون في أردافها فتجعلها ظاهرة بالمقارنة بباقي اطراف جسدها .
شيء طبيعي ، هكذا خلق البشر .
""....هذا هو التفسير العلمي و المنطقي الوحيد الذي يوضح كيفية دخول مثل هذا البنطال بها ! "" لماذا يتسائل هذا الوغد عن كيفية دخولها في البنطال ؟ هذا سلوك لئيم و ليس طريفا بالمرة .
كرهت هذه الفقرة ، فهي تضع صورة في ذهن القارئ ، و هي صورة لم توضع إلا لأحاكم -كقارئة- هذه الشخصية لانها اختارت بنطالا عوضا عن جلباب .و هذا هو الخطير في الأمر ، لا أحد مسؤول على اختيار شكل جسده . ماذا إن كانت امرأة مكتنزة في جسدها السفلي ، هل محرم عليها اختيار ملابس تروقها ؟
نفرت من خاطر و هو يراقبها تحوم في المتجر، يتسائل كيف دخلت بالبنطال .
لقد ارتدته كما يرتدي الكل سراويل !
لا أحب أن تتعرض مثل هذه السلوكيات المنحذرة من مجتمع الانسان السام في الروايات خاصة لكتاب انا معجبة بهم كتميمة نبيل .
لا أستطيع تقبلها فهي ترسخ هذه السلوكيات في عقولنا و تطبعها عوضا عن انتقادها و وضعها في إطار يجعلنا نتسائل فيها .
كما أنني لاحظت كتيرا من هذه المواقف داخل الرواية ، مع شادية و مع شخصية اخرى قام خاطر بالتوصيل إلى بيتها . تمت الإشارة الى ملابسهن 'الضيقة' و زينة وجوههن و طرقهن المغوية ، و قلة ذوقهن في التصرف ثم محاكمة حياتهن .
لم أجد ضرورة لظهورهن إن كن سيعاملن كالحثالات .
درة متلا غير محجبة -و لا مشكلة عندي في ذلك - لكن لم تحاكم عن طريقة لبسها ، لكن الشخصيات الثانوية تحاكم عن ذلك .
شادية رغم أنها شخصية ثانوية ، لم تعامل معاملة عادلة . خطبها خاطر و في نيته هو يتنازل للقبول بها مكرها لأنها آخر فرصة متاحة له . و لأنها تلك الشخصية 'التي لم تتمم دراستها و بقيت عاطلة عالة على بيتها ' كان شغلها الشاغل إستدراج عريس كخاطر مهما كانت ظروفه ، المهم عريس . تغويه بطرق منفرة كالحجاب الشفاف و اللون الأحمر و طريقة كلامها الغنوج ..الخ
ليخرب خطوبته معها في الأخير لسبب أظنه كان مفتوحا للنقاش (لو كان في الواقع) . تاركا إياها بخطاب شهم يتناقض مع نيته تجاهها في السابق ، و ليختم ظهورها بطرد مهين من شغف .
شعرت بالسوء لشادية .
لدي الكتير من الملاحظات الأخرى ، لكنني سأتوقف لكي لا أطيل أكتر .
أنا أحب كتابات تميمة نبيل ، فهي ترضيني كقارئة . شخصياتها (البطولية) دائما ذات عمق و قطعة من الواقع . قصصها جميلة و معالجتها للأحداث دائما اجدها ناضجة لايشوبها شيء إلا من بعض العيوب كما ذكرت في السابق .
كما أن خفة ظلها و لطافتها شيء لاتستطيع إلا و أن تأسر به فأنا عضوة في مجموعتها و ألاحظ ذلك من خلال منشوراتها و دعاباتها الطريفة .
سأقرئ كل كتابة لها في المستقبل بدون تردد ، و سآمل دائما أن تلاحظ تلك التجاوزات الصغيرة الي تنفلت -و أنا جد متأكدة- دون رغبتها المباشرة أو من نية سيئة . إنه فقط شيء متأصل فينا جميعا .
- تقييماتي :
تقييم الأبطال : 🌟🌟/5
تقييم البطلات : 🌟🌟🌟🌟/5
تقييم الرومانسية : 🌟🌟🌟/5
تقييم الكمياء بين الأبطال : 🌟🌟🌟/5
تقييم السرد : 🌟🌟🌟🌟🌟/5
تقييم الحوار : 🌟🌟🌟🌟🌟 /5
تقييم تسلسل الأحداث : 🌟🌟🌟🌟🌟/5
تقييم التشويق : 🌟🌟🌟/5
تقييم النهاية : 🌟🌟🌟🌟🌟 /5
التقييم الإجمالي : 🌟🌟🌟/5
●هل أرشح الرواية لكم لقراءتها ؟
•نعم ، لكنني أحذر من طولها و من بعض الأحداث التي قد تستفز شعور بعض القراء .
●هل يمكن أن أعيد قراءتها ؟
•لا أظن ذلك .
●هل أقرأ أعمال أخرى لنفس الكاتبة ؟
•نعم ، لكن عسى أن تطور من شخصياتها الذكورية و تراقب طريقة طرحها للشخصيات الأنثوية الثانوية فهي تستحق الإحترام أيضا .
( إن أردتم ترك إقتراحات روايات لي لقراءتها و مراجعتها ، أكتبوها في التعاليق أسفل )