رواية رومانسية بالعربية بعنوان : إشاعات
الجزء الرابع عشر
🌸ملـكة🌸
"" أعلم أنك تشعرين بالفضول "" قالت أختي "" لذلك سأخبرك .. ""
اصطنعت عدم المبالاة ولم أستدر اليها، لكنني حقا و بكل تأكيد مهتمة لما ستقوله .
أيعقل أنه أعترف لها ؟ سألت نفسي ..
"" سأقول لك و أنت استنتجي من نفسك "" أضافت و نبرتها مبتسمة "" ماذا يعني لك إن أخبرتك انه يسألني عنك في كل فرصة ممكنة له ؟""
"" يسأل عني ؟ "" إستدرت اليها لأواجهها بكل استسلام للفضول"" قد يكون فضولا عاديا يا شوق ، ليس من الضروري أن يكون معجبا بي ليسأل عني ""
"" لا، أسئلته ليست أسئلة عادية نابعة من فضول ، فدانييل ليس حشري الطبع . لقد سألني يوما ان كنتي حقا على علاقة بنور ، لماذا سيسأل عن حياتك العاطفية إن لم يكن له إهتمام بتعدليها ؟ ""
لابد أن ملامحي عبرت عن خيبة أملي ، لأنها توترت و داهمت غرفتي و هي تغير كلامها "" ليس كما فهمتي ، فهو لا يصدق انك خنتي صديقتك مع نوربالطبع ، لكنه غاب طويلا و توقع أن تكونا .. انت تعلمين "" صمتت لثانية ثم اضافت "" لقد سألني عن انس ايضا ، اتذكرين يوم زارك انس في المتجر و اتصلت بدانييل طلبا للمساعدة لأنني خفت ان يتسبب بالمتاعب ؟ لقد سألني عنه ، لأنكما بدوتما مثيران للريبة .. ""
"" شوق "" قاطعتها "" استيقظي ، فالاوهام هي كل مايدور في ذهنك . ان لم يخبرك بذلك بشكل مباشر فلا شيء من هذا صحيح ، حسنا ؟ توقفي ارجوك ""
توجهت الى خزانتي و لم تستسلم لانها اقتربت مني اكثر و قالت "" حسنا ، لا تصدقيني . لكن فقط راقبيه ، و سترين انه يغازلك في كل تصرف و في كل كلمة يقولها لك . فليس ضروريا ان يقولها حرفيا بعظمة لسانه ، أحيانا لغة الجسد و أشياء اخرى تتحدث ايضا "" انهت كلامها ثم غادرت ..
لوحت برأسي بتنهيدة من صدري ، لقد و صدقت حقا انه هناك شيء يحدث خلف ظهري بكل براءة ، اختي تهذي بكل تأكيد ..
🌻
🌻دانييل🌻
"" أين انت ؟ لقد صعدت باحثة عنك في شقتك قبل قليل و أخبرني نور أنك غير موجود "" تدفق صوت شوق من السماعة فور أن استقبلت مكالمتها .
"" أنا في الواقع لدي مصالح و حاجيات علي قضاؤها يا شوق ، تعلمين أنه لدي حفل في غضون اسبوعين علي التحضير له "" أجبتها و أنا أملئ خزان وقود سيارتي .
"" حسنا أنا لن أطيل في الكلام كثيرا ، أنا أريد فقط أن أسألك - أختي تبدو في مزاج سيء هذا الصباح هل كانت برفقتك ليلة البارحة .. ؟ ""
"" نعم ، تعلمين أنني لحقت بها أمس "" داعبتها مبتسما "" ما هذا السؤال يا شوق ؟ هل تحاولين القول أن اختك في مزاج سيء بسببي أنا ؟""
"" لا يا أحمق "" أجابت بسرعة و بنبرة مؤنبة "" ما أقصده في الواقع ... تعلم كيف صارحتك عشية البارحة حول أختي ؟ ""
بدت شوق و كأنها تثرثر بلا معنى ، لكنني فهمت قصدها في الواقع . لقد أخبرتني بشيء عشية البارحة عندما كنا في الملاهي رفقة نور . و كان نور يغازل أحد الفتيات بعيدا عننا عندما علَّقْت "" الجو رائع وهذا المكان مثير و حافل ، كان ليكون كاملا لو وافقت أختك على الحضور هي أيضا ""
و هنا كانت قد نظرت الي بعيون ضيقة و أجابت بما لم أتوقعه "" أختي تتفاداك ""
"" ماذا ؟"" صحت بصدمة و بغير تصديق ، ثم بدت شوق و كأنها ستضيف شيئا ، فاستعددت و ركزت بكل عرق نابض في جسدي الى ما ستقوله لأنني جد فضولي لسبب تفادي ملكة لي . لا طالما فعلت ذلك في الماضي ، و فعلت ذلك أيضا في الحاضر لكن على الاقل هناك بعض الاحيان حيث أستطيع رؤية اهتمامها بي في عمق عينيها . لكنني لا أفهم ما هذه الحركات الباردة و الساخنة التي تعاملني بها ، لماذا لا تستطيع التشبث بطريق واحد ؟
""نعم ، أختي تتفاداك "" أعادت شوق القول بعيون مركزة في الخواء "" و لا أعلم لماذا ؟ "" وجهت أنظارها الي في ذلك الوقت ، و رمقتني بعيون فيها اتهام "" ماذا تفعل لأختي ، لا تبدو طبيعية في حضورك ""
لن أكذب ! كلام شوق نفخ غروري الى حد الوجع . أنا ... أؤثر في تلك الملكة ؟
"" نعم ، لا أعلم ماذا يدور في رأسها . هل -بأي صدفة - تتنمر عليها ؟ "" أكملت .
"" ماذا قلتي ؟ هل جننتي ؟ "" بجملتها تلك كانت قد فرقت غروري كالبالون بعد أن نفخته ، فسارعت بالقول و عينيها تدور في محجريهما"" نعم هذا ما أتحدث عنه ، انت لا يمكن أن تفعل ذلك ، اذا ما الذي قد يجعلها تتصرف على هذا النحو المثير للريبة ؟""
"" انه واضح يا شوق ، انا لا أعجب اختك "" قلت بكل بساطة لأنها الحقيقة منذ وقت طويل .
لكنها هززت رأسها في تلك اللحظة "" لا ، لا أظن ذلك ، هي لا تتفادا من تكرههم ، بل تفرض وجودها امامهم لتزعجهم أكثر ، لكن الوضع معك مختلف أضمن لك . هناك شيء ما يجعلها تتصرف حولك انت بالخصوص بتلك الطريقة المثيرة للريبة ""
حافظت على صمتي لأنه كانت لي شكوك ، و بناءا على الطريقة التي كانت تتحدث بها شوق ، كانت تبدو و كأنها تعلم شيئا ، وكأنها تحاول وضع شيئ في دماغي .
لذلك لحقت ملكة إلى المسبح لأرى عن قرب إن كان حقا لدي تأثير ما عليها حتى و نحن منفردين ببعض ، بعيدين عن إزعاج الاخرين . لكن ضاع تركيزي حينما اصطدمت بالدراما التي كانت تحصل هناك .
"" نعم "" سحبت نفسي من ذكرى البارح "" أخبرتني ان أختك تتفاداني عن قصد ""
"" حسنا "" توقفت قليلا مما زاد من تشويقي لما ستقوله ثم أردفت "" لدي سؤال - لماذا لحقت بها إن كنت تعلم أنها لا تحبك ؟ ""
اوووه سؤال وجيه في الحقيقة "" لا أعلم ... ؟ "" أجبتها بأول ما ازلق على لساني ، ثم صعدت السيارة و تحركت قليلا و ركنت السيارة في مكان مناسب الى أن أنهي المكالمة ..
"" هذا ما أعنيه ، انتما تتصرفان بغرابة "" قالت أخت ملكة .
"" أنت من تتصرفين بغرابة باستمرارك في التحقيق في الامر، ماذا تعنين ؟"" حاولت بما يكفي اخفاء ابتسامتي من نبرتي و أنا أسألها .
"" لا شيء ، لا تشغل بالك "" بدت نبرتها كئيبة أو خائبة قليلا "" سأراك لاحقا حسنا ؟ ""
"" حسنا ، الى اللقاء و لا تشغلي بالك ، أؤكد لك أنني لا أزعج أختك عن قصد ان كان هذا ما يقلقك "" أخبرتها لأنني بدأت أظن ان شوق تشك أنني أضايق أختها بشكل ما .
"" لا لا يا احمق "" على صوتها "" أنت تلتقط الفكرة المعاكسة بشكل تام ""
"" اممم ؟ ماذا تقصدين ؟ "" سألتها لأنني الان ضااائع بشكل كامل .
لكنها تهربت من الإجابة و ودعتني ثم أغلقت الخط .
🌸
🌸ملكة🌸
تظن هذه الغبية أنني عمياء و لا أستطيع ملاحظة الطريقة المخيفة التي كانت تلاحقني بها عيناها . تبدو وكأنها تريد أن تنهي محادثة الصباح لأن عدم شرائي هراءها تركها محبطة و بدون رضى .
أعلم انها تريدني أن أصدقها ، لكنني لست رومانسية بغباء و منقطعة النظير مثلها .
أفضل ما فعلته هو البقاء بعيدة عني لأنني لست في أحسن أمزجتي الآن . فقد لاحقني شعور بالثقل جاثما على صدري كل اليوم . و ذلك بسبب -وأكره أن أعترف بهذا -موقفي مع تلك التافهة ليلة البارح ثم بسبب كلام أختي .
تصارعت أنا و تلك المدعوة ديمنة كثيرا و كنت دائما قوية في مواجهتها ،غير سامحة لها بالتسلل تحت جلدي . لكن شيء ما في هذه المرة ، شيء ما في كلامها او في الطريقة التي وعدتني بها أنها سوف تجعلني أبكي ، لا أعلم ، علق كل ذلك في ذهني .
شعوري نحو هذا الموضوع واضح لي ، أستطيع تمييز حقيقة أنني منزعجة من نفسي لأنها استطاعت التأثير علي بكلامها . لكن ما لا أستطيع تفسيره هو- لماذا اشعر بالخيبة بعد محادثتي مع شوق صباحا ؟ هل لأنني علمت أن دانييل توقع مني تماما ما توقعه الكل مني ؟
و إن يكن ؟ فليظن ما يشاء ..
في الحقيقة ، لا أظنه من ذلك النوع الذي يصدق كل ما يسمع ، فهو ذكي ، لا يختار جوانبا ، لقد شاهدت موقفه بين رامي و نور .
وكان اكثر من عادل !
يا الاهي ، أشعر و كأنني أفكر بطريقة هيسترية ، دماغي يعج في عاصفة من فوضى المشاعر ، علي أن أسترخي .
وكأن العالم جعل مهمته الوحيدة عدم السماح لي بالاسترخاء ، آخر شخص مرغوب فيه دخل من عرض الباب .
تتمشى بتكاسل و تهمس لصديقتها و عينيها تمشط المتجر بعيون محاكمة . رميت نظري نحو اختي لارى ان كانت هي كذلك تشهد ما يحصل الآن ، لكنها كانت هي من تقف خلف الجهاز المتحرك و تحاسب العملاء حاليا ، لذلك لم تنتبه لهوية مقتحمة متجرنا . حاولت تجاهلها ، لربما تشتري ما ترغب و تغرب عن وجهي . او على الاقل هذا ما أظن أنها تنوي فعله ، لأنها لم تتوجه الي مباشرة و لم توجه نظرها حولي أيضا .
طلبت مني امرأة مسنة قراءة أثمنة مختلف علب اليوغورت و عن مكان وجود الخالية من السكر فانشغلت بمساعدتها . اختارت في الاخير العديد من الانواع و النكهات الا الخالية من السكر رغم أنني حددت مكانها لها .
غريب !
ساعدتها على حمل السلة الثقيلة الى حيث شوق و جعلتها تخدمها أولا لكي لا تنتظر كثيرا. لكن تصرفي هذا أزعج امرأة أخرى و بدأت بالتذمر قائلة ان المرأة ليست مسنة كثيرا و يمكنها الانتظار كباقي العملاء .
تجاهلتها ، ثم لفتت شوق انتباهي بحركات غمز و تحريك الرأس و علمت من دون الالتفات انها تشير الى الفيل داخل الغرفة .
نعم ، فوجود تلك الغبية ديمنة في متجرنا عجيب و غريب بقدر غرابة وجود فيل في غرفة ما . تجاهلت أختي أيضا وكنت أحاول ايجاد ما اشغل نفسي به عندما نادت تلك الغبية اسم أختي شوق . رفعت رأسي من خلف رفوف السلع لأراها تتهادى في المشي و هي تمازح اختي متجهة اليها ، تحمل سلة التسوق الخاصة بالمتجر .
حاولت تجاهل كل هذه السخافة ، لكنني لم أستطع . فحدسي ينبهني أن هناك رائحة نتنة هنا . تبثتني اختي بنظرة ضياع و ارتباك و هي تتجاوب مع مزاح تلك الفاشلة بتصلب واضح في ظهرها . أعلم أن أختي غير مرتاحة و أنها مقحومة في مهما ما كان يحصل الآن من دون رغبتها .
ابتعدت ورغم ذلك استمرت أصواتهم في الوصول إلي ، و في الأخير آخر ما وصلني هو صوت ديمنة تصيح بشكل مقصود ليصل صوتها الى مسامعي و هي تقول "" وداعا للآن فقط ، لأننا سنتلتقي كثيرا من الآن فصاعدا ""
ثم اختفى صوتها مع صوت جرس الباب المعلن عن مغادرتها .
ما كان ذلك ؟
رفعت رأسي نحو أختي ، و كانت قد قرأت السؤال في عيناي هي أيضا حينما اجابت بهزة كتف . فقد كانت ضائعة هي الاخرى بقدر ضياعي .
انا لست مستعدة للقاء تلك الفتاة كثيرا ان كانت حقا تقصد ما قالت .
🌸
كننا نستعد للإقفال المتجر، فالساعة تشير الى العاشرة مساءا ، و أنا جائعة جدا . أشعر برغبة في الأكل خارج البيت ، لكن لا أريد فعل ذلك وحدي . لذلك بعثت رسالة لنور ، لكنني لم اتلقى جوابا ، أتسائل ماذا يفعل الآن ؟
لعنت في نفسي عندما سمعت جرس الباب ، فأنا لا اريد قضاء دقيقة أخرى محصورة هنا و اكره حينما يستمر العملاء في التدفق حتى بعد ساعة انتهاء العمل . كان أبي يبقي المتجر مفتوحا الى ساعات متأخرة من الليل ، لكنني لست مثل ابي ، لا احب فكرة ان اقضي كل وقتي اعمل و أجبر نفسي على تحمل البشر .
لست شغوفة بالحياة الى تلك الدرجة !
"" good evening , young ladies "" أفزعني الصوت اللندني ، ليس لأنه مفزع بحد ذاته ، و لكن صاحبه ، صاحبه أصبح له هذا التأثير علي . كل ما أخبرتني به شوق زاد من شدة الغرابة حوله . ان كنت مرتبكة حوله من قبل ، الآن أصبحت هيستيرية .
لا أريد رد التحية ، مهلا انا لا افعل ذلك أصلا .
حملت المكنسة و اشغلت نفسي بتكنيس اخر المتجر ، بعيدا جدا عنهما ، عن صوته ، عن رائحته ، عن ضحكته ، عن كله .
لن أنظر الى تلك الخضراوتان .
"" أين ملكة ؟ هل ذهبت في رحلة من رحلاتها الليلية ؟ ""
قبل أن أستوعب حقيقة أن دانييل يسأل عني و أنه لاحظ رحلاتي الليلية ، صاحت أختي "" ملكة ، ماذا تفعلين هناك ؟ لقد أنهيتي الكنس بالفعل ، لماذا تعيدين ذلك ؟ "" لا أصدق انها قالت هذا بصوت عالي أمامه . و كيف علمت أنني أحمل المكنسة ؟
رفعت رأسي و رأيت الانعكاس في مرآة المراقبة فوقي ... اوه !
لم يدم الصمت طويلا ، فسرعان ما تلا ذلك صوت خطوات تابتة تقترب ببطء مني . شعرت و كأنني قط محصور في زاوية من الزوايا . و كلما اقتربت خطواته الشبيهة بخطوات فهد صياد ، كلما زاد جنون قرع قلبي على جدار صدري .
أكره هذا ، سوف أسترجع !
وضعت المكنسة في مكانها عندما انخرس صوت الخطوات . أعلم عن يقين انه خلفي ، أستطيع الشعور بحرارة نظرته تغلف جسدي ، تبعث فيّ حمى ترتفع بسرعة لتستقر في أذناي و خذاي . أخرجت شعري من خلف أذناي و سحبته أمام وجهي قليلا لكي أخفي المهزلة الواضحة على وجهي . ثم استدرت اليه ، لا اريد ان يأخد الانطباع الخاطئ .
إن كان له فعلا تأثير علي ، ليس من الضروري ان يعلم ذلك .
رفعت عيناي و حاجباي أنظر اليه بثقة و هدوء كاذبين . كان يقف بعيدا عني بمترين على الاكثر، يحدق في وجهي بتركيز واضح و كأنه قصيدة يريد حفظها عن ظهر قلب . يديه الاثنتين كانتا على خصره ، نصف ابتسامة صغيرة لا تكاد ترى على وجهه زادت من غموض ما يفكر فيه . شعور الانحصار المستقر داخلي كان رد فعل تلقائي على الطريقة التي كان منتصبا بها في منتصف الطريق ناشرا أطراف جسده و كأنه يقصد غلق طريق الهرب علي .
اقتربت منه و كأنني أمشي في طريقي لحبل المشنقة و توقفت بعيدا عنه بقليل آملة أن يفهم من تلقاء نفسه و يبتعد عن طريقي ، لكنه لم يفعل ، ياللمفاجئة !
"" أنت هنا إذا ؟! "" قال و هو يحفر عيناي بنظرته الحارة ، نبرته تحمل شيئا لم أستطع وضع يداي عليها .
"" و أين تظن أنني قد أكون ؟ "" أجبته بحدة في نبرتي ، لربما يدعني و شأني . لكنه استمر في النظر الي ، و بدا للحظة كما لو انه لديه جواب لسؤالي ثم رفع رأسه متراجعا في آخر لحظة .
"" هل لازلت على موعدك ؟ ستتأخرين ؟ "" جعلني السؤال أستدير نحو شوق و على ما يبدو لست الوحيدة ، فقد استدار دانييل بحدة نحوها هو الاخر مكررا بشكل تساؤلي "" موعدا ؟ ""
لم أعلم منذ متى و هي تقف قريبة مننا تراقبنا كمهووسة ما . اقتربت اكثر و مررت عينيها الواسعتين و البارقتين بيننا ، و جعلتهما يستقران على دانييل بالخصوص "" نعم ، لقد كانت ملكة تتحدث عن موعد عشاء ما قبل وصولك ""
استدار دانييل الي وعلى وجهه تعبير غير مفسر ، لم يكن يبتسم على الاطلاق .
لا أعلم لماذا جعلت شوق رغبتي في العشاء مع نور تبدو كموعد رومانسي مع حبيب غامض . و لا اعلم لماذا شعرت و كأنني علي أن أفسر و أوضح أنه ليس كما يبدو .
فقط ، فعلتها و حسب "" نور لا يجيبني ، لذلك أظن أنني سأتعشى وحدي "" قلت جملتي و أنا أنظر إلى أختي في العينين ، آملة أن تكون قد سمعت التحذير بشكل واضح في نبرتي .
و أظن الرسالة وصلتها لأنها رمشت ببراءة مصطنعة و قالت بنبرة متحايلة "" آه ، نور لا يجيب ؟ انا آسفة كنت لأذهب معك لكن لدي خطط أخرى ""
خطط أخرى ؟ مؤخرتي .. ! حياة أختي ليست مثيرة أكثر من حياة جرذ يعيش في المجاري ، لماذا تكذب هذه الحمقاء ؟
"" على ما يبدو أنت الآخر لا خطط لك لهذا المساء ، لماذا لا ترافقها ؟ "" لمست ذراعه و هي تقترح عليه ، تبتسم بحلاوة و ترفع حاجبيها في تظاهر مقرف بالبراءة .
استدار الي دانييل وعينيه تبتسمان لي ، يبدو مرحبا بالفكرة . لكنني لست متأكدة إن كنت كذلك أيضا . أعني ، ستكون الامسية جحيما أنحرق فيه بدون رحمة .
لكنني لا أريد الرفض كذلك !
"" سأغير ملابسي و أعود على الفور ، لا تتجرئي على الذهاب من دوني "" هددني مداعبا و هو يهرول نحو الباب .
عندما غاب ، اعادت اختي تركيزها لي و قالت بابتسامة رضى "" هل رأيت ما اخبرتك عنه ؟ ""
"" ماذا تقصدين ؟ "" سألتها بحيرة ، و دورت عينيها بانزعاج من عدم تتبعي مقصدها و فسرت "" طلبت منك أن تراقبيه ، أخبرتك أن الرجل يغازلك في كل حركة يفعلها أمامك . هل رأيت كيف كان ينظر اليك ؟ و هل سمعتي نبرته و هو يحدثك ؟ ""
جزء مني أراد تصديق كل ما تقول ، لكن جانب اخر قوي مني لا يريد بتاتا . لسبب ما ، لا أستطيع رؤية ما تراه هي ، لا استطيع الاستسلام و الاقتناع بكلامها فقط لأن اختي اخبرتني بأنها تشعر بذلك و لاحظته من تلقاء نفسها .
تجاهلتها و تخطيتها و وقفت أمام المرآة أرتب نفسي و أفكر ان كان علي تغيير ملابسي انا الاخرى ام فقط أبقى فيما ارتديه .
"" حسنا "" تبعتني كالذبابة المزعجة و وقفت خلفي تحدق في انعكاسي عبر المرآة "" ابقي على حالك معصومة العينين ، لا تصدقي ما أقوله ، لا تصدقي أنه معجب بك ، و لكن الا تفكرين في السبب الذي جعله يقفزعلى أول فرصة حصل عليها ليخرج معك على الانفراد ؟ ""
استدرت اليها لافة ذراعي على صدري و تشدقت "" دعيني أحزر ، لأنه مهووس بحبي و يريد قضاء وقت رومانسي معي ""
دورت اختي عينيها ثانية من رد فعلي ثم أكملت بتلك النبرة البطيئة المفسرة و كأنها تحدث فتاة صغيرة "" اسخري كما تشائين ، و سواءا صدقتي أم لا ، دانييل طلب مني بالفعل أن أخلق فرصة كهذه ، و عدم اجابة نور رسالتك الآن كان مثالي لإتمام المهمة . لم يتردد دانييل الآن في القبول لأنه يرغب في موعد معك من الاصل ""
"" قلتي طلب منك ترتيب موعد معي ؟ "" أعدت ما ظننت أنني فهمته من كلامها ، لا أستطيع تصديق ما يحدث .
"" نعم "" اجابت "" يمكنك شكري لاحقا حينما تدركين ان دانييل هو الرجل المقدر لك . لكن بالنسبة للآن ، فلنركز على الحاضر ""
"" قلتي طلب منك ترتيب موعد معي ؟ "" أعدت السؤال بنبرة أكثر توترا لأنني لازلت لا أستطيع بلع هذه المعلومة . رمقتني بنظرة مستغربة قليلا و قالت "" نعم ؟ لماذا ؟ ماذا ؟ ""
"" لماذا لم تخبريني ؟ "" سألتها لأن هذا كلام و اهتمام مباشر منه و ليس استنتاجا تافها من أختي .
"" حسنا "" قالت بتوتر "" لم .. لم أخبرك لأنه .. لأن طلب دانييل كان سريا ، هو صديقي لن أبيعه بتلك السهولة ""
"" لكنك أخبرتني و بعته يا شوق ""
نظرت الي بعيون واسعة "" لأنك لم تتركي لي خيارا آخر ، أنت لا تريدين تصديقي ..""
"" حسنا "" قلت باستسلام ، لا زلت غير قادرة على تصديق ما يحصل .
"" لا تخبريه أرجوك ، سوف يفقد التقة في و لن أستطيع نقل الاخبار لك ""
"" حسنا "" وعدتها لأنني أريدها أن تنقل لي الاخبار منه إن أخبرها بشيء كهذا .
يا الاهي هل يمكن حقا ؟!
"" يجب عليك أن تغيري ملابسك الى شيء جميل و تضعي القليل من الحمرة على وجهك ، لانك ستخرجين مع دانييل ، و كما ترين دانييل تأخر مما يدل على أنه يأخد وقته الآن في الاستعداد و يختار الافضل لأنه يريد ترك انطباع جيد ، يريد سحرك . يا الاهي ، ذلك الرجل ايقونة موضة ، يجعل رجال الحي يبدون كحاويات الازبال ""
أعني ، أختي لم تخطئ ..
"" نعم ، ذوقه جيد بشكل خيالي ، تستطيعين التخمين من الصور فقط أنه ينتمي الى ذلك النوع من الرجال الذي دائما رائحته جذابة و فريش ""
يا الاهي ، لقد كانت هذه أطول جملة انطقها في حياتي أمدح فيها شخصا ما ، و بالطبع دانييل ، اكثر شخص كنت أمقت هو الشخص المقصود .
النظرة التي بعثت لي أختي جعلتني أنطوي ، فأبعدت عيناي عنها و حاولت استرجاع طبيعة نفسي عوضا عن المراهقة الغبية التي أحيت فجأة و أعلمتها "" سأغير ملابسي أنا أيضا ""
"" لا تتأخري "" تبعني صوتها و لم تخف عني ابتسامتها السمجة في نبرتها .
القصة متوقفة حاليا