رواية رومانسية بالعربية بعنوان : إشاعات
الجزء الحادي عشر
🌸ملــكة🌸
مضت الأمسية في جو من الاسترخاء في بيت الخالة نعمة . كان العم غائبا عن البيت عند وصولنا و أعلمتنا الخالة بعودته لاحقا في المساء .و أصرت على ان تعد لنا وجبة كاملة رغم أن توقيت الغذاء مضى ، و رفضَت بعناد أن نساعدها .
عوضا عن ذلك ، اقترحت علينا أن نسترخي في صالة استقبال الضيوف مع شاي أخضر بالنعناع و بعض من الحلويات .
لم أستطع الإسترخاء بشكل كلي ، فقد جف عرقي على جلدي و انا أكره هذا الشعور ، أريد أن أنعش جسدي بدوش سريع و بارد قليلا . لكنني أشعر ببعض من الإحراج للسؤال فأنا لا اريد ازعاج الخالة.
شجار الرجلان البالغان على كرة القدم كان مجرد ضجيج خلفي و انا أفكر هل أكتفي فقط بتغيير ملابسي و أتحمل . لكنني حقا لا أحب أن ارتدي ملابس نظيفة على جسدي المتعرق سابقا .
ماذا افعل ؟ سيظل الامر ينقر في دماغي الى ان اجد حلا و هو الاستحمام .
عادت الخالة نعمة من المطبخ بابتسامتها المرحبة ، و بدأت تلم الكؤوس المستعملة لتنظف المائدة . قمت و ساعدتها و سبقتها برفع الصينية ثم طرت بها الى المطبخ .
عندما عدت وجدتها تنظر الى الذكرين بتقطيبة صغيرة ، بيديها على خصرها و هي توبخهما "" ماذا يحصل هنا ؟ ظننت انكما أصلحتما خلافكما بمجيئكما مع بعض الى هنا ؟ أم أنني مخطئة ""
"" نعم انت مخطئة يا أمي "" أجاب نور بعينين ملتصقة بالتلفاز و بدون تردد .
"" في الحقيقة ياخالتي "" تدخلت و انا اعود الى مكاني "" دانييل يحاول جاهدا اصلاح الخلاف منذ التقائه بنور ، لكن ابنك بثر كل محاولة مسالمة من ابن عمه بكل طفولية ""
تجاهلني نور بالكامل و قرر دانييل ان لا يعلق ، لست متأكدة إن كان من تعب السفرأم انه فاتته كلمة ما من حديثتنا بدون أن يفهمها . حدقت الخالة نعمة في ابنها بتعبير خائب ، تحاكم الطريقة التي يعيش بها حياته و باصبع على ذقنها حكَت "" أتعلمان ؟ عندما كنت في صالة الولادة أنجبه .. وقع شيء .. تماما بعد أن أخرج رأسه الكبيرة ، علق الولد في جسدي عند عنقه وعانيت من عملية اكمال الدفع لاخراجه ، أظن الوقت الذي ظل عالقا هناك أحدث خللا في دماغه بسبب عدم وصول الاوكسجين اليه . ""
"" لا تضعي صورا لا أقدرها في مخيلتي يا أمي "" تنشدق نور بعد أن نالت حكاية امه انتباهه ثم سمَّرعينيه في وجهينا انا ودانييل بنظرة كريهة لأننا كنا نضحك .
"" ألا تظنين أنه تبرز في السائل السلوي و استنشقه ليعلق في نظامه و يجعله هكذا ؟ "" شاركت الخالة في سخريتها بكل سرور .
فعادت للنظرالى ابنها الذي ينظر الينا بغير تصديق ، واضعة تعبيرا مفكرا على ملامحها و هي توافقني "" ممكن جدا يا ابنتي ، فابني ليس طبيعيا ""
"" حسنا ، هذا يكفي "" صاح نور من جديد ، فقررنا تركه لحاله لأن إغاظته اكثر من هذا ستجعل شياطينه تقوم من مخاضعها و نحن لا نريد ذلك .
"" هل تريد أن تأخد قيلولة يا ابني ؟ تبدو تعبا "" اقترحت الخالة على دانييل فتمدد في مكانه و هو يخبرها "" لست تعبا كتيرا ، لكنني سأستلقي هنا ان لم تمانعي ""
"" لا عليك يا ابني ، استرخ ، سيجهز الطعام بعد قليل "" قالت الخالة ثم مررت انظارها الي "" انا اشعر بالخيبة لعدم مجيئ شوق كذلك ""
"" على الواحدة مننا ان تعتني بالمتجر و العمارة ، انت تعلمين كيف هي الامور ""
"" نعم يا ابنتي فليعنكما الله "" ابتسمت لي بتعاطف لكن رفعت حواجبها للحظة ثم اكملت "" لا تبدين مرتاحة يا ابنتي اتشعرين بالحر ؟ ""
لابد انها لاحظت انني اعبث بملابسي كثيرا "" لا ، لكنني اريد حماما سريعا ، هل يمكنني ذلك ؟ "" نطقتها غصبا عني .
"" نعم نعم "" اجابت بسرعة "" اتبعيني يا حمقاء لما لم تقولي من قبل ؟ ""
قمت و تبعتها كما طلبت مني . انا احب هذه المرأة ، دائما ما تتأكد من راحة المحيطين بها .و لهذا استطيع دائما رؤية سبب وله ابنها بها .
انعشت نفسي بحمام طال لمدة عشرين دقيقة ، و ارتديت ملابسي داخل الحمام نظرا لوجود باب الحمام في زاوية مكشوفة لصالة الجلوس حيث يقبعان الذكران . كما انه لا اظن انه من اللائق التجول في بيت اشخاص اخرين بمريول الحمام .
الآن ، يمكنني الاسترخاء .
بمنشفة تلم شعري المبتل ، حملت ملابسي المستعملة الى غرفة نور حيث اضع حقيبتي ، لكن الخالة انتشلتها مني في الطريق و أمرتني ان انضم الى الشباب قبل ان يتمما الطعام بأكمله .
"" نعيما "" نطق نور بفم محشو فأجبته بأن يخرس و ولجت بالاكل مباشرة . كنت جد جائعة .
لا اذكر متى كانت اخر مرة حضيت ب"طاجين " لحم الدجاج بالزيتون المحمض و البطاطا المقلية بهذه اللذة .
لم تكن امي تقليدية كثيرا في نوع الطعام الذي كانت تعده لنا ، كانت أكثر ميولا لاعداد طعام يبعدنا عن استهلاك الخبز بشكل كلي ، فابقينا انا و اختي على عادة امنا رغم اننا لم نعد نركز على الطعام الصحي كما كانت تفعل ، فانا و اختي لا نأكل الا المعكرونة و الارز في غالب الوقت مما جعل جهود امي تُضرب في عرض الحائط .
وضعت الخالة العصيرعلى الطاولة ثم جلست قرب ابنها تداعب خصيلات شعره القصيرة و هي تبتسم .
"" لا أكل يرضيني غير طعامك يا امي "" نطق نور رغم انه لا أحد سأله .
"" تقول هذا لكنني اعلم انك كنت تداهم مطبخ الفتيات كالكلب المسعورفي هذه الايام ، شوق اخبرتني عبر مكالمة "" احب عندما تفضح الخالة هراءه .
"" امــي"" رفع نور رأسه و هو يصيح مما تسبب لبعض الفتات ان يقفز في الهواء ثم تصرفت الخالة نعمة كأي أم حينما صفعت قفاه و عاتبته بينما انا و دانييل نفترس صدر الدجاج الفتي و اللذيذ .
لم نتوقف عن الاكل الا عندما فرغ القدر الطيني من محتواه . شعرت بالتخمة و بالثقل في جسدي و انا و نور نلم المائدة و ننظفها ، بينما كان دانييل في المطبخ يغسل الصحون ، بينما الخالة نعمة و بكل اسف كانت قدعادت الى المطبخ تعد نوعا ما من الكعك قد طلبه منها المدلل ابنها .
طلب مني نور اللحاق به الى غرفته و فعلت ذلك لا فكرة لدي عن ما يريد . لكنني سأنتهز هذه الفرصة لأحاول تليينه بشأن خلافه مع ابن عمه لينتهي هذا و يمكننا ان نتخطى هذا الموضوع بشكل نهائي .
"" افكر ان انقل اشيائي الى الشقة ، الا تمانعين نقلها في الشاحنة ؟ ""
"" نعم "" وافقت و انا ابصراركان الغرفة "" لا تمتلك الكثير من الاشياء ""
"" نعم ، علي ان افكك هذا المكتب سيكون من السهل نقله هكذا "" علق و هو يزن المكتب بعينيه .
"" كما أخبرتك من قبل ، لا تحتاج الى سرير فهو موجود ، و نفس الشيء بالنسبة للخزانة فشققنا تملك خزائن ملتحقة بالغرف . الا اذا اردت مزيدا من المساحة للتخزين ، في تلك الحالة يمكننا نقل هذه الخزانة فهي ليست كبيرة "" اقترحت عليه و انا افتش في الخزانة الشبه فارغة .
"" لا اريد هذه الخزانة "" قال بشكل قطعي و هو يدفن جسده تحت السرير لا اعلم ماذا يفعل ثم لاحظت عبر الباب جلوس دانييل في صالة الجلوس وحيدا برأسه منحني على هاتفه .
"" نور "" همست باسم الاحمق و انا اركله برجلي ليخرج من تحت السرير. فقام من مكانه و بيديه صندوقا خشبيا . لم يفتحه بل رماه بشكل عشوائي في زاوية من الغرفة ثم نطق "" ماذا ؟ ""
"" هل حقا لا تريد اصلاح علاقتك بصديقك و ركز على كلمة "صديقك" . هل ستعاملني هكذا ان اختلفنا في يوم ما ؟ ""
رمى نفسه على سريره جلوسا ثم تنهد باقتضاب ""ما مر بيننا ليسا خلافا ، بل خيانة ""
"" انت تضخم الامر . له الحق ان يفضل عدم الانحياز لطرف ما ، فلا تنس انه صديق لرامي ايضا . ""
"" مهما يكن "" برطم تحت انفاسه و ابتسمت خفية لانني اظن انه بدأ يسمح للقليل من العقل ان يتسلل الى تفكيره .
هذه اشارة جيدة .
قررت تركه لحاله للآن و غادرت غرفته الى المطبخ لأرى إن كان يمكنني مساعدة الخالة بشيء . هكذا لن يبدو و كأننا نتجاهل دانييل مرة اخرى ، فقد كرهت تأنيب ضميري سابقا في طريقنا الى هنا و أكره ان امر من نفس الشيء مرة اخرى .
لم يكن هناك الكثير لفعله في المطبخ فاهتممت فقط بتنظيف السطح الرخامي من قشور البيض و بقايا الدقيق المرشوش عليه . و كنت افعل تماما ذلك عندما سمعت نداء نور يدعوني للعب بعض من العاب الفيديو .
توجهت الى غرفة الجلوس حيث منبع صوته ، فوجدته على الارض قريب من التلفاز يحضر للعب .
"" لست في مزاج للعب "" اجبته بغيراهتمام ثم لاحت انظاري تجاه ابن عمه الذي لازال في مكانه . سيكون من اللائق ان يدعوه للعب ، لكنني اعلم اي نوع من البشر هو نور .
"" هذه هي اللحظة المناسبة حيث تدعوني للعب يا نور"" قال دانييل غيرآبها برفع عينيه عن هاتفه و كأنه يقول هذا فقط ليغيظه .
و فاجأنا نورعندما رمى بجهاز تحكم الالعاب الى دانييل من دون توجيه رمقة صغيرة اليه ف نظر دانييل الى الجهاز على الارض بصدمة ثم رفعها و اخد مكانا قرب نور و نصف ابتسامة سمجة على وجهه .
حسنا ، لم اعد أعلم اي نوع من البشر هو نور .
لاحظت ان المنشفة لازالت على شعري ، فتوجهت الى غرفة نور لكي اخد مشطي و مغذي الشعر من حقيبتي ثم عدت الى الحمام .
كنت امشط شعري و ادعك مغذي الشعر في فروتي امام المرآة حينما تذكرت شيء فهرولت بسرعة الى الخالة في المطبخ و طلبت منها مقصا .
🌻
🌻 دانييل 🌻
عيناي لم تستطيعا الا الانقلاع من اللعبة على الشاشة و اللحاق بملكة و هي تهرول من الحمام الى المطبخ تنادي الخالة و شعرها النصف المبتدل ينسدل خلفها في خيوط داكنة مستقيمة ، يلهو بين اليمين و الشمال و كأنه حائر مع حركتها ، فقط لتعود من المطبخ بعد لحظة ، مهرولة من جديد نحو الحمام الى حيث اتت من الأصل .
من المكان الذي اجلس فيه ، كان في استطاعتي لمح انعكاس وجهها على المرآة ، و كانت تمشط شعرها الى الخلف بتركيز ، عكسي انا ، فقد دعسني نور في هذه الجولة بعد ان كنت انا في المقدمة .
عندما عادت عيناي اليها ، كانت قد انزلت شعرها خلفها في ظفيرة تصل منتصف ظهرها، ثم رفعت مقصا و قصت الظفيرة تحديدا عند الشامة الزيتونية على قفاها .
"" انت فاشل بالكامل يا دانييل ... "" كان نور يحاول ان يستفزني "" في ماذا تحدق بفم مفتوح هكذا يا احمق ؟""
ثم صرخ نور مصعوقا من منظر الظفيرة المبتورة في يد صاحبتها عندما سقطت عيناه على ما يحصل في الحمام . كانت ملكة تعاين نتيجة فعلتها من كل زاوية خلال المرآة ، غير منزعجة من شيء .
و لم ألاحظ قدوم الخالة من المطبخ الا عندما صاحت بذعر "" ماذا فعلتي يا عدوة نفسك ؟ ""
استدارت ملكة تنظر الى الخالة المذعورة بملامح هادئة بغموض ، ثم رفعت الظفيرة امام الخالة و كأنه انتصار من نوع ما . ثم ابتسمت نصف ابتسامة جانبية و هي تنظر الى الخالة التي تلمس شعرها القصير بلمسات حزينة "" وهل تملكين قلبا حتى يا فتاة ؟ كيف امكنك فعل هذا بجمالك ؟ ""
اذا ... أيمكن انها اتخدت هذا القرار في السيارة عندما مدت طوله امام المرآة الامامية ؟ بدت منزعجة منه في الطريق ..
"" الشعر ليس جمال يا خالتي ، لا تصدقي هراء دعايات الشامبو . "" اجابت ملكة بلطف لاذع و لم اوافق على شيء بهذه الشدة في حياتي .
"" و ماهو اذا ؟ "" اجابت الخالة منزعجة و متخطية صدمتها .
"" مجرد خلايا غير حية وبعض المواد السامة في اجسادنا تحولت الى شعر و قررنا نحن البشر ان نعتبرها رمزا للجمال "" عادت ملكة بردها فاثارت ضحكنا انا و نور خاصة ان الخالة نعمة لم ترضى بفعلة ملكة .
ضحكت ملكة ايضا و حركت شعرها القصير مقتربة من الخالة لتداعبها به ثم قالت "" استرخي يا خالة سينمو بسرعة ""
"" لو كنتي ابنتي لقطعت اصابعك العشرة "" غادرت الخالة الى المطبخ بسرعة و هي تبرطم "" اضعتي عقلي عن الكعكة التي تركتها في الفرن ""
تحركت عيني ملكة بيني و بين نور و رفعت حواجبها محاكمة الطريقة التي نحن جاثيان بها قريبا من عتبة الباب مظهرين فضولنا و نحن نتجسس على ما يدور في الحمام .
"" ماذا ؟ "" رفعت جبينها و هي تقترب منا "" هل مللتما من اللعبة ؟ ""
"" تبدين كشخصية بطولية من فيلم اكشن "" قال نور بابتسامة مناغشة بعد ان قام وعبث بشعرها . اظن ان مظهرها الجديد راق صديقها .
و كأنها تريد رأيي أيضا ، رمقتني انا الاخر بنظرة تحمل شيئا من الفضول و التردد ، فهببت واقفا من مكاني ملبيا و أكثر من راضي لنيل فرصتي في التحديق في ذلك الجمال البري ..
تريد رأيي ؟ ستأخد أكثر من ما سألت ...
🌸ملكة🌸
قفز قلبي داخل صدري عندما قام دانييل من مكانه وعيناه متسمرتان بشعري و بوجهي . ملامحه صفحة من الغموض لكن عيناه .. لا اعلم ان كان ما اراه في عيناه الان حقيقي ام من نسج خيالي و ها هو يفعل ذلك ثانية ومن جديد - يعرقل الاستقرار في جوفي و يجعل الحرارة تنتشر في جسدي كانتشار النار في الهشيم .
و لا يعجبني تأثيره علي ، لا يعجبني البتة ، علي قطع هذا الهراء !
"" ستعضين يدي لو لمسته كما فعل نور أليس كذلك ؟ "" قال بعد امتد ذاك الصمت الذي تسبب في علو الحرارة في خداي .
يريد لمس شعري الآن ؟ هذا تماما ما كنت أتوقع ، تفسير لطفي كعلامة خضراء للتقرب مني . من المفروض انني لا اطيقه و انني لا ارحب بوجوده في عمارتي و ليس هذا ال..قرب المربك .
"" بكل تأكيد "" أجبته واضعة كل قطرة من سمي في الكلمتين حتى يلتقط التحذير، فهذه الرحلة تعنيه هو و ابن عمه فقط ، اما انا فاساعد فقط حتى اتخلص من هراء نور و ليس لخلق علاقة غريبة مربكة بيني وبين الاشقر النصف الانجليزي .
ارخت عيناه شعري ثم التقت حدقيته بعيناي ، و بكل غرابة ابتسم ابتسامة جانبية معناها - يالك من سخيفة ! - ثم نطق بكل سلاسة و كأنه منيع ضد سمي ، نبرته تحمل التسلية التي ترتسم على سطح وجهه "" يبدو شعرك القصير تاجا فوق رأسك يا ملكة ""
🌸
لازلت القشعريرة تغطي جسدي كلما تذكرت جملته . أعلم ماذا يفعل ، يحاول تطبيق ذلك المثل الانجليزي الذي يقول "kill people with your kindness " .
لن اسقط صريعة لسحره !
من المفروض أن اكون في غيبوبة من النوم في هذا الوقت من الليل ، لكنني أكون قلقة في الاماكن الجديدة فلا استطيع ان انام مباشرة .
غرفة نور نظيفة و فراشه مريح ، لكن النوم لا يستطيع التغلب على عقلي .
قمت من مكاني و خرجت من الغرفة و قبل ان اصل الى صالة الجلوس سمعت همسا خشنا من الذكرين . نعم ، أُطلب من ذكر ان يتكلم بنبرة خفيضة ليصبح صوته شبيه بهزاز الهاتف .
اقتربت متلصصة بخطوات صامتة ، رجلاي الحافيتين جعلتا مهمة التجسس سهلة .
"" فقط اخبرني انك مستعد لرمي خلاف الماضي وراءنا و دعنا ننام "" حسنا اظن ان هذا كان صوت دانييل لأنه ذو لكنة .
هذا تقدم جيد ، ماذا سيجيب نور الان ؟ "" من قال ذلك يا احمق ؟""
يا الاهي ..
"" لدي غرفة فارغة في الشقة "" نطق دانييل مما جعلني افكر ... فكرة جيدة !
"" هنيئا لك "" سخر نور .
"" تعلم ما اقصد يا نور ، سنتقاسم ثمن الكراء كما انه سنستفيد من رفقة بعضنا البعض ""
"" لم اعلم انك فقير ، لباسك لا يوحي بذلك ""
"" اوه اخرس ، انا اقترحت التقاسم لانك لن توافق على السكن معي مجانا ""
وافقه نور بتنهيدة ثم بصوت بدأ يتخلله التعب و هو يتثائب "" سأفكر في الامر ""
و لم اسمع كلمة اخرى بعد ذلك .
---
في الصباح تناولت الفطور مع الخالة نعمة و العم كذلك ، ولم يكن هناك اي اثر لنور و دانييل . وعندما سألت عنهما ،اخبرني العم ان دانييل ايقظ نور ليرافقه في ممارسة بعض من الرياضة الهوائية بما ان المدينة غريبة عنه .
استطيع تخيل على اي حال مزاج نور سيكون الآن ، كريها نزقا، لكنه وافق على مرافقته على اي حال .
توافقهما يجعلني أفكر أن فكرة هذه الزيارة كانت مثالية .
عندما عادا كان يتناقران كالعادة لكن لا شيء جدي ، اظن انهما وجدا ريتما تتمشى عليه علاقتهما للحاضر . لا ضغينة و في نفس الوقت لم يجعلا مصالحتهما مباشرة .
عشية اليوم كانت حارة ، فسحبنا نور الى الشاطئ . لقد مضى وقت على ممارستي هذا " النشاط" و لم اكن متأكدة ان رغبت في لمس مياه البحر و المسبح بعد انقطاعي على الامر، فهو يذكرني بحلمي الذي افل و غاب . لكن لبيت رغبته على اي حال . لم أجد ملابس مناسبة للسباحة و لم ارغب بشراءها لذلك قررت ان اسبح بتيشورت مقصوص الاكمام و سروال قصير للسباحة من خاصة نور .
ثم قادنا نور نحو الشاطئ ، واغلقت عيناي في المقعد الخلفي استمع الى الموسيقى طوال الطريق تاركة الشابين يتحادثان . توقفنا عندما وجدنا المنطقة المناسبة ، و ما ان وطأت رجلاي الرمال الساخنة شعرت بالغرابة ، رائحة البحر في الريح جذبتني كالتعويذة الى احضان الامواج و لم اشعر بما فعلت حتى التصقت ملابسي حول جسدي بسبب ابتلالها بالمياه المالحة .
اقشعر جسدي من برودة المياه و لم استطع منع ابتسامة الرضى من التسلل الى وجهي و انا ارخي جسدي وسط الماء مغمضة عيناي .
ضحك و غمغمات الناس و اصوات رش المياه كانت اصواتا خلفية اضافت الكمال لكل ما يحدث حولي . كل شيء و كل تفصيل داعب حواسي الخمسة جاعلا الصورة ملموسة . لا اريد لهذه اللحظة ان تنتهي !
شعرت باختفاء نور الشمس من جفناي المغلقين ثم لفني الشعور بوجود مهيمن من حولي سحبني مجرورة الى الادراك . ففتحت عيناي لتتصادم مع صلابة صدرعاري يرتفع و ينخفض باستقرار و نقط مائية تتسابق للانزلاق على البشرة الزيتونية التي تتوهج تحت خيوط الشمس الذهبية .
أبعدت عيناي عن كل ذاك ، و حملتها الى اعلى ، لآخد لمحة من وسامته الذهبية و بريق الزمرد في عينيه فكان ينظرالي بدفئ غمرني و يبتسم الي بغرابة كما تعود . جمال الجو و لطف المياه من حولي جعلني لا ارغب بشيء غير الاستمتاع بوقتي و الاسترخاء ، لذلك لم احاول ابعاده عني . بل فقط عدت الى ما كنت عليه سابقا ، خاضعة بجسدي للماء مغمضة عيناي "" كيف استطعت البقاء بعيدة عن الماء كل هذا الوقت ؟ "" وجدت نفسي انطق بدون تفكير مسبق ، فأجابني "" لا اعلم مدة هذا الوقت ، لكنك لا طالما بدوت كالحورية وسط الماء ""
فتحت عيناي من جديد . تعليقه و الطريقة التي يتفحصني بها فجرا احاسيس مثيرة للاشمئزاز في داخلي ، و ضربني داك الادراك بالذات و الارتباك اللذان يسببهما لي هذا الاشقر .
لا اريده في محيطي ، اكره تأثيره علي ، أكرهه بشــدة . لذلك سبحت الى حيت توجد بعض الصخور اي شيء فقط لاهرب من الشيطان المختبئ تحت جلد آلهة الاغريق ذاك ، فقط ليصعقني صوت نور العالي قبل ان يقفز من فوق الصخوركالمجنون ليرمي بضخامة جسده قربي و يحدث فوضى من المياه .
مررت يداي على وجهي لابعد ملوحة الماء عن اهدابي و لساني منزعجة من نور و ضحكه الغثيث . لاطالما كان يحب فعل هذا لازعاجي و كنت اجيبه دائما بفعل شيء سأقوم بفعله الآن .
ابتعدت عنه قليلا ، ثم قوست جسدي سابحة نحو عمق الماء ، برأسي يسبق باقي جسدي نحو الاسفل ثم رفعت رجلاي خارج الماء في الهواء ثم ركلت آملة ان تسقط بواطن رجلاي على وجهه و نجحت بذلك . و عندما عدت الى سطح الماء آخد نفسي ، كان نور يضحك ممسكا بوجهه و كان دانييل بجانب نور ايضا يشاركنا طرافة الموقف . و نظر الي مباشرة في العينين بكل وقاحة قبل ان ينطق "" كما قلت ، لم تكن تنقصكي الا زعانف و حراشف بلون اللؤلؤ ""