رواية رومانسية بالعربية بعنوان : إشاعات
الجزء العاشر
🌻دانييل🌻
لم أتوقع أنني سأكون هنا ، في شاحنة ملكة رفقة نور في رحلة الى بيت عمي ليلة البارحة عندما زرت شقة شوق و أختها .
أعني كنت أنوي بجدية أن اطلب عنوان و رقم عمي منه لزيارته و أيضا لازعج نور قليلا . لا أريد لعلاقتنا ان تظل هكذا أكثر من هذا ، لذلك قررت استغلال هذا العذر .
فكرة أن يرافقني أتت مع تطورالأحداث . وعلاوة على ذلك ، ملكة أيضا سترافقنا .
لقد دعمني القليل من الحظ في هذا ، لأنني أريد أن أتعرف على ملكة عن قرب . لم أقابل إلا جانبا واحدا منها و هو عدوانيتها . أظن أن هذه الرحلة ستساعدني على رؤية جانبها المسترخي . فهي حتما لا تعامل كل البشر كما تعاملني انا ، سأرى كيف تعامل الاشخاص الذين يعجبونها .
تثير فضولي ، لماذا لا أعجبها ؟ لماذا تنزعج مني ؟ أريد أن أعرف ..
لم تطردني ليلة البارحة من منزلها ، و وافقت على مرافقتنا بدون مجهود كبيرلإقناعها ثم لم توجه لي كلمة من اهاناتها و تهديداتها بالإبتعاد عن طريقها .
لا أعلم ماذا يجب أن أستنتج من هذا ؟ هل بدأت تعتاد على وجودي ؟ أم هي فقط كانت في مزاج جيد ؟
هذه المرأة الصغيرة تثير زوابع في عقلي ، لقد أصبحت تهاجم تفكيري من حين لآخر ... تشغل بالي .
مرت نصف ساعة تقريبا منذ انطلاقنا ، ولم ينطق ولا فرد بيننا بكلمة . لكنني أشعر بشحونة الجو داخل الشاحنة .
كانت ملكة تقود الشاحنة بتركيز وعينيها لا تتزحزح عن الطريق . تبدو جميلة في ثيابها العادية ، سروال رياضي اسود مع تيشرت أبيض مكتوب عليه "NAH ، I'M GOOD" . مضحك أشعر و كأن الرفض هو مزاجها بشكل عام .
أكثرما لفت إنتباهي هو شعرها الطويل ، كان مربوطا أعلى رأسها بعشوائية ، خصلاته السوداء متدلية من قمة رأسها.
يبدو أن شعرها ناعم بما يكفي لكي لا يستطيع قابط الشعرالبلاستيكي المكوث في مكانه ، لأنه كان ينزلق الآن شيئا فشيئا الى أن انتهى به الأمر معلقا بعناد في بعض خصيلات و كأنه متمسك بحياته .
فكرت في أن أمد يدي و أنجده من السقوط لكن لم أجد شجاعة كافية لذلك ، علاقتي بصاحبة القابط لا تسمح لي بالتصرف معها بهذه الدرجة من الأريحية . ستعض يدي على الأغلب .
بل فضلت مراقبة ملامحها وهي تعكس انزعاجها من شعرها الذي إنساب على ظهرها في الوقت الذي لا تستطيع إعادة تثبيته في مكانه .
لحسن حظها ، كانت أمامنا اشارة الضوء الأحمر، مما يعني انه سيتوجب عليها الوقوف . استغلت الفرصة و فعلت ذلك بالضبط .
لم تفتني تلك الطريقة التي لفت بها شعرها و مدت طوله امام المرآة الأمامية و كأنه تلاحظه اول مرة ، ثم اعادت تثبيته في قمة رأسها .
"" نور "" قالت فجأة و استدارت إليه ، لكن اعادت عينيها إلي حينما لاحظت أنني أحدق فيها كالأحمق .
لم أبعد عيناي عن عينيها .
حاولت إخافتي بتلك النظرة الجافة الخالية من المشاعر خاصتها ، لكن لم تستطع التأثير علي .
"" ماذا ؟ "" أجابها نورأخيرا مما استرعى انتباهها اليه من جديد .
"" هل أعلمت خالة نعمة بزيارتنا لها اليوم ؟ "" أبعدت ملكة عينيها عني في الأخير بعد أن تغيرت الإشارة الى الضوء الاخضر .
"" لا ، أريد مفاجأتها ""
ابتسمت لجوابه . لازال نور كما هو ، مولوع بأمه .
مع مرور الوقت ، لم أعد قادرا على تحمل هذا الصمت الكئيب . أنا معتاد على الجو النشيط في الطريق أثناء الرحلات مع اصدقائي . فلا نشعر بالتعب إلا و نحن على أفرشتنا نستعد للنوم .
ضغطت على زر مشغل الموسيقى ، سريا مستغلا الفرصة للإستكشاف نوع الموسيقى الذي تستمع اليه ملكة .
لم أتفاجأ حينما انطلقت أغنية Take What You Want ل post malone من السماعات الأمامية و الخلفية للشاحنة .
حسنا أشعر وكأنها مثلي ، تحب أن تحاط بمسمعات الصوت حتى تشعر بالإنتشاء من الموسيقى الجيدة .
رفعت رأسي لأنظر اليها ، فقد كانت تنظر إلي بترقب و كأنها تحاول قراءة ما يدور في ذهني . ففعلت ما يغيظها ، غمزت لها ثم ابتسمت أكبر ابتسامة مغازلة أمكنني وضعها على وجهي ثم راقبت رد فعلها .
تحرك حاجبها بحركة لا إرادية كما لو أنها لم تتوقع تصرفي ، ثم أبعدت وجهها عن ناظري مستديرة بكلية رأسها نحو النافذة بجانبها ، تركتني مواجها رقبتها و الشامة التي تماثل زيتونة سوداء في اللون و الحجم على رقبتها .
لم يفتني كيف إنكسرت الجدية من ملامحها قبل أن تستدير ، مما يعني انها استدارت لتدارك نفسها و تعيد بناء الحائط الذي هَدَّدْت توازنه الآن .
يبدو أن ملكة كائن بشري في الأخير و ليست امرأة آلية ..
🌸ملكة🌸
أشعر بالإحراج ..
حركة غبية صغيرة من الاشقر الغبي كانت كفيلة بتشقيق حصني المنيع .
يا إلاهي كم انا غاضبة من نفسي الآن ، لقد مرت نصف ساعة على موقفنا و لازالت تلك الابتسامة السمجة مطبوعة على وجهه .
الآن بعد أن شاهد رد فعلي المثير للشفقة ، سيصبح أكثر تقة في إغاظتي بتصرفاته الغريبة كلما سنحت له الفرصة .
لن أكذب ، عندما فجأني بتشغيل الموسيقى . شعرت بالفضول لرؤية رد فعله من ذوقي في الموسيقى- بإعتباره موسيقي و لاشيء اكثر . ليس و كأنني مهتمة برأي الآخرين بما افضله .
لكن حقا ، كنت فضولية لأرى . في البادئ عقلي لم يستوعب ما يدور في ذهنه ، فقد كانت شبح ابتسامة تلوح في ملامحه لكن مركزة اكثر في خطوط عيونه . ثم تسبب لي بخلل ذهني عندما نظر مباشر الى عيناي ، غمز لي بكل وقاحة ، ثم ابتسم تلك الابتسامة .
تلك الابتسامة اللعينة .
أظن أن ذوقي في الموسيقى راقه ... لكن ...
آااه كم أنا غاضبة من نفسي .
ماذا يحدث لي بجدية ؟ أشعر و كأنني أتصرف كمراهقة حوله .
"" بدأت أجوع "" ذكرني نور بوجوده عندما نطق من الخلف .
"" لم تمر سوى ساعة و نصف على انطلاقنا يا نور "" أجبته ، فاقترب و وضع ساعديه على كتفي مقعدنا انا و دانييل ثم رفع صوته مما يعني انه حقا في مزاج عكر "" و إن يكن . توقفي في أقرب متجر او مطعم يظهر أمامك ""
"" سيكون هذا بعد ساعة من الآن "" أعلمته و أنا أقسم سريا إن تذمر، سأرميه من السيارة .
"" أحضرت بعض الوجبات الخفيفة ، أتريد منها ؟ "" تدخل دانييل و هو يمد يده للوصول لحقيبته التي وضعها قرب رجليه سابقا .
"" لا أريد شيئا منك "" قال نور و هو يعود لوضعيته المسترخية السابقة .
تجاهله دانييل و استمر في البحث في حقيبته ، ثم اخرج علبة بلاستيكية . عندما فتحها ، هاجمتني رائحة زكية أثارت جوعي في الحين .
"" هذا لك "" استطعت من زاوية عيني التمييزأنه بالفعل يحدثني أنا .
نظرت إلى الساندويش الملفوف في ورق الأليمنيوم ثم اليه و بدون تفكير مني رفضت . تكهربت ملامحه للحظة ثم هز كتفه وباشر بتناول الساندويش الذي كان يرغب بإعطائي قبل لحظة .
شعرت بوخز و عدم ارتياح و انا أنظر لكمية الساندويشات في علبته والتي كان يغلقها ليعيدها الى حقيبته .
كان يتناول ساندويشه بقضمات كبيرة وبشهية ، لكن انمحى أي اثر لسماجته و لتلك الابتسامة الشقية .
أكره ان أكون لئيمة بدون داعي ، و رفضي لمشاركة دانييل طعامه بعد أن رفضه نور قبلي لهو سلوك حقا لئيم ودنيء .
لو فقط أصر أكثر، لقد أجبته برفضي بسرعة كرد فعل تلقائي . لم أقصد فعلا ... حسنا يجب أن أسترخي .
مهما يكن ، لماذا يهم ؟ هو يعلم أنني لا أتحمله ..
سأركز أكثر على قيادتي ..
-----
ظل الموقف يهاجم تفكيري من كل إتجاه حتى بعد مرورما يقارب الساعة .
كان دانييل هادئا و لم يشارك حديثنا أنا و نور رغم ان حديثنا لم يكن يخص اي شيء خاص ، بل عن عائلة نور و الحي القاطنين فيه وعن الأراضي الزراعية التي نمر بها و ما الى ذلك من مواضيع عشوائية ..
أعني ، لماذا قد يشاركنا الحديث ، فقد قمنا انا و نور بالبصق على علم السلام الذي رفعه بيننا .
أشعر بالسوء و لم أشعر هكذا منذ مدة طويلة .
أكره حقيقة ان صديقي المقرب لا يلومني عندما ابالغ في التصرف ، اذكرأنه في زمن قريب كانت لي صديقة تلومني بإستمرار و تحاول دائما اصلاح الضرر بقدرما استطاعت .
لو كانت هي هنا الآن، كانت لتعبس في وجهي و تخبرني أنني أتصرف بلؤم ، تعتذر لدانييل عني و تخبره انني في الواقع شخص جيد لكنني لا اعرف كيف أظهر ذلك ثم تأخد الساندويش الذي ناولني اياه و تجعلني آخده بتهديد باطني في عينيها .
انا لا اشتاق الى تلك الغبية.. ولو حتى قليلا .
"" حسنا هناك محطة استراحة عند المنعطف لا تنسي أن تتوقفي "" ذكرني هذا الأحمق بهذا للمرة المليون مما زاد من انزعاجي اكثر ، ألا يعذبه ضميره بتاتا ؟
عندما توقفت في محطة الإستراحة ، سألني نور"" ماذا تريدين أن أحضر لك ؟ ""
غاب تركيزي مع دانييل الذي فتح باب الشاحنة و خرج منها . لكنني أجبت في الاخير "" لا شيء ، فقط لا تتأخر ""
نظر إلي باستغراب ، لانه ليس من المعقول أن لا أرغب بشيء . و أنا حقا اشعر بالجوع .
لكنني أشعر بالسوء ، لا أريد ان اقبل الطعام بعدما رفضته من دانييل .
غادر نور السيارة و هرول سابقا دانييل بكل طفولية . و بكل غرابة ، توقف دانييل و كأنه ينظر اليه ثم استدار نحوي و تلاقت عينينا . ثم عاد بادراجه نحو الشاحنة .
هل نسي شيئا ؟
"" هل ستبقين في الشاحنة ؟ "" سألني بوجه جدي .
"" نعم "" نطقت ..
"" ألا تريدين ... تعلمين ... استعمال الحمام ؟""
"" استعمل حماما عموميا ؟ في مكان كهذا ؟ هل انت جدي ؟ أفضل أن تنفجر مثانتي على ذلك . ""
"" حسنا إذا "" قال ثم صعد الى مكانه بجانبي و أخرج علبة الساندويشات من جديد و تناوله بدون اضافة كلمة اخرى .
ترددت قبل أن أسأله "" ألا تحتاج .. استعماله انت ؟ ""
"" سأفعل "" قال وهو يحاول الاجابة من خلال فمه الممتلئ و هو يضع يده امام شفاهه ليخفي منظر الأكل الممضوغ و ليمنع الفتات من الخروج من فمه "" بعد أن يعود نور "" أكمل جملته .
يا إلاهي ، هل هو جدي الان ؟ بعد أن تصرفت بلؤم معه يستمر بالتصرف بجنتلمنة نحوي ؟
أشعر و كأنني كيس قمامة الآن .. لم أستطع زيادة كلمة أخرى .
مرت دقائق صمت تقيلة ، قد تكون مجرد ثواني قليلة ، من يعلم ..
ألن يعرض علي ساندويشا آخر .. ؟ أنا حقا جائعة ولا أشعر بأنني ارغب بتناول شيء من طعام الشارع خاصة في الأماكن المتواجدة في وسط الطريق ، لا أثق في نظافة و مصداقية الطعام .
كما انني أريد تناول ساندويشات دانييل التي اعدها ، بدت شهية سابقا .
هل أسأله ؟ فكرت ، لن يرفض مشاركتي انتقاما أليس كذلك ؟
فهو ليس نور .
"" أنت حقا ستتناول كل تلك الساندويشات لوحدك ، هاه ؟ "" قلت عندما أخرج ساندويشا آخر من العلبة .
نظر الي بحاجبين مرفوعين ثم دافع عن نفسه "" لقد رفضتي عرضي سابقا ""
"" نعم ، لم أكن جائعة حين ذاك "" ناقشته .
و لم يضف كلمة ، في الحقيقة وضع العلبة بيننا ، راقبت وجهه ثم لسبب ما شعرت بالراحة عندما ارتخت ملامحه .
"" سأرميه إن تركتي شيئا "" نطق بتهديد بينما أتناول أول لقمة .
اغمضت عيناي مسترخية على مقعدي متنهدة من لذة الساندويش . استجابت حاسة ذوقي للطعام بارسال قشعريرة شملت جسدي بأكمله .
لا اعلم لماذا جوع الرحلات يكون قويا و طعام الرحلات اكثر لذة مهما كان ..
انهيت الاول و حينما كنت في طريقي لانهائي الثاني ، لمحت دانييل ينظر الي و ابتسامته السمجة وجدت طريقها الى وجهه من جديد .
لابد أنه راضي الآن .. الآن يستطيع ضميري أن يخرس و يتركني في حالي .
"" أعجبك ؟ أعددته بنفسي .. "" قال بفخر بنفسه . بدا لطيفا و هو ينتظر إطراءا مني .
فاجبته بصراحة "" نعم ، أحب اللحم المدخن في الواقع ""
"" سعيد بمعرفة ذلك ""
قاطعنا نور بعودته لمقعده ورائحة السمك المشوي خلقت جوا نتنا في الشاحنة فصرخت بسرعة "" اخرج ، اخرج يا نور سوف اقتلك لو أكلت ذلك الشيء هنا . لا اريد رائحة السمك ان تعلق في جلد سيارتي ""
بدا نورعلى حافة الغضب و هو يحاول منع نفسه من الصراخ "" تحبين السمك ""
"" ليس رائحته ""
رمقني بنظرة منزعجة قبل ان يخرج من الشااحنة و وجد صخرة صغيرة قرب بابه و ولج بالتهام وجبته هناك .
انتهز دانييل فرصته و غادر السيارة ، و بعد قليل عاد نور الى مقعده ، ينظف يديه و فمه بمنديل مبلل و معطر كان في سيارتي .
"" شاركتي العدو طعامه ؟ "" نطق نور بعد ان افرغ زجاجة صودا كان قد احضرها معه .
و عندما استدرت إليه ، كان ينظر الى العلبة التي افرغت و الى المنديل الذي امسح فيه يدي بوجه مصدوم .
"" دانييل ليس عدوا حسنا ؟ "" أجبته محاولة انهاء هذه الحرب الغبية "" الرجل كلف نفسه باعداد ساندويشات لنا و كأطفال الحضانة قمنا برفض لطفه ، و مع ذلك هو فكر في سلامتي و عاد الى السيارة للبقاء معي حين لاحظ انني لن اغادرها ، عكسك انت ؟ ""
"" أتصدقين ما تقولين الآن ؟ انت يا ملكة ... هل حقا تظنين انني سأقلق عليك من اي شخص او أي شيء ؟ ""
حسنا ... لديه وجهة نظر .
"" هل نجح بلفك حول اصبعه بهذه السهولة ؟ "" صاح بوجه مصدوم و عيون مفتوحة على وسعها "" انت يا ملكة .. تدافعين عن دانييل ؟ منذ متى بالضبط أصبحت تُسحرين بهذه السلوكيات المخادعة ""
"" إخرس ، انا لست غبية حسنا ؟ انا فقط شعرت بالسوء قليلا . ليس هناك شيء بيني و بينه لاعامله بلؤم ""
قبل أن يضيف نور كلمة ، عاد دانييل إلى مكانه و وضع قارورة مياه قربي و فتح اخرى ليشرب منها .
شكرته و شربت القليل من الماء فقط لاشطف بقايا الطعام في فمي ، لا أريد ان تزيد حاجتي لاستعمال الحمام إلحاحا . سقطت عيني على نور بشكل عفوي من خلال المرآة و النظرة التي كان يوجه الى ابن عمه كانت ...
"" ماذا تحسب نفسك فاعلا ؟ "" نطق نور بهدوء لكن نبرته تتخللها بعض الخطورة و هنا علمت ان الامور ستبدأ بالاشتعال .
"" ماذا تقصد ؟ "" نطق دانييل بدون مبالاة حقيقة ، فهو يعلم هراء نور .
"" تعلم جيدا ما أقصد ""
""نور "" حذرته لكن لم يستجب لي .
"" لا ، ماذا لو أخبرتني بما تقصد يا نور؟ ""
"" أعلم ما تفعل يا دانييل "" حذر نور بنبرة باردة "" إبق بعيدا عن ملكة ""
"" ماذا قلت ؟ "" الان استدار دانييل نحو نور و صاح بشيء من الانزعاج "" ماذا تظنني أفعل ؟ هاه ؟ ""
"" انت تستعمل ملكة طريقا للوصول الي ""
"" أنت أحمق حقا يانور، العالم لا يتمحور حولك "" قال دانييل ماكان يدور في ذهني انا ايضا "" لقد ضخمت الموضوع بشكل سخيف . تقاطعني لسنوات فقط لأنني اخترت ان لا اتخد جانبا في حربك الغبية مع رامي . واااو ، نضج منك يا نور ""
"" انا اولى بوفائك ، انا ابن عمك ، صديقك .. ""
حسنا ها نحن ذا ..
تنهد دانييل بإحباط "" لم اكن لأخونك أو اتركك و انت في حاجة لي . إن نسيت ، فقد حاولت دائما انهاء خلافكما ، لكنكما لم تسمحا لي ، و خاصة من جانبك انت يا نور ، انت فوضوي مليء بالهراء "" صاح بالجملة الاخيرة دافعا باصبع اتهامي في صدره .
"" أعد ما قلت ؟ "" صاح نور و عيناه بدأت بقدح النيران .
"" لقد سمعت "" اتحداه دانييل بهدوء مناقض لمزاج نور .
"" يا شباب "" تدخلت لكن عارض نور تدخلي ببعث نظرة محذرة لي و هو يقول "" لا تتدخلي ""
"" بل سأتدخل ، إن أردت أن تلم شتات نفسك ، ابدأ بإصلاح ما يمكنك اصلاحه من أضرار الماضي حتى يمكنك المضي قدما . علاقتك بابن عمك كانت تهمك ""
""اخرسي "" حاول اسكاتي لكنني اتممت "" لذلك تقبل عرضه باصلاح علاقتكما . ماذا ؟ اتنوي ان تظل غاضبا من موقفه الى الابد؟ ""
"" مهما يكن "" قال نور ببرود و بكل جبن التقط سماعتيه و اغلق أذنيه تاركا النقاش مفتوحا .
انه أحمق وانا اعلم عن يقين انه يعلم ان هذا الخلاف وقف عند حد حيث يبدو سخيفا ، لكن غروره يمنعه من الاعتراف بذلك .
مثلي تماما ، لكن الفرق بيننا انني دائما أحاول التغلب عليه . تماما كما وقع سابقا مع دانييل .
بتنهيدة احباط و تعب نظرت الى دانييل ، كان يبدو عليه خيبة الامل من ابن عمه . و حين التفت الي ابتسمت عيناه لي ثم قال "" اقدر موقفك يا ملكة ""
"" انه أحمق "" اجبته وأنا أشغل محرك السيارة ..
أظنها كانت بداية ..
--------
وصلنا لبيت العم صلاح و الخالة نعمة عند الزوال . وجه الخالة نعمة عندما فتحت الباب لتجد ابنها امامها كان عبارة عن خيبة أمل و قليل من القلق .
كانت تمطره باسئلة عن سبب عودته بسرعة و عن ما اذا خلق المتاعب بينما كان هو يضمها و يضع رأسه الكبيرعلى كتفها كالطفل الصغير .
وقفنا انا و دانييل للحظات في صمت غريب . الى ان لاحظت الخالة وجودنا ثم ابتسمت ببشاشة و بترحيب و هي تمد كفيها لي "" ملكة يا لها من مفاجئة سارة ، تعالي قبيلني يا حبيبتي "" لم تكن ترغب الخالة بقبلة فقط بل حضنتني بعد ان قبلت خدي الاثنين .
"" كيف حالك يا خالة ؟ "" سألتها عن حالها فأجابتني بأنها تحمد الله كل يوم على صحتها و هي تنظر إلى دانييل ، تبتسم له بفضول لطيف .
"" أنظري من أتى معنى خصيصا لزيارتكم "" قلت للخالة نعمة .
فاقتربت من دانييل الذي كان يبتسم كالأبله و هو ينتظر الخالة نعمة أن تتعرف عليه .
"" عينيك ليست غريبة عن ذاكرتي "" قالت الخالة بتركيز في ملامحها و تململ جسد نور الواقف بجانبها يتظاهر بعدم المبالاة .
"" هذا دانييل يا خالة ""
ما إن سمعت الاسم من فمي ، اتسعت عينيها بإدراك ثم رمت بذراعيها حوله "" مرحبا بك يا بني ، إعذرني فقد طالت غيبتك و لم أستطع التعرف عليك ""
"" لا عليك يا خالة "" أجابها دانييل و هو يبادلها العناق بطريقة متواضعة و تظهر كم هو شخص مليء بالعاطفة .
نور لم يعجبه المنظر و كالطفل الصغير الذي هو عليه ، أخد يسحب ثوبها بعبوس و تذمر "" ما هذا يا أمي ؟ لم تضميني أنا ابنك بهذه الحرارة ""
ضربت كف ابنها و هي تنهي عناقها مع دانييل و لم تعرابنها نصف اهتمام ، بل أخدت تحدق في ابن عمه و تبتسم و كأنها تستحضر ذكريات الماضي "" ما شاء الله ، لقد كبرت يا ولد و أصبحت رجلا وسيما ""
أعلم جيدا ماتراه الخالة ، و إن كانت تحدق فيه بوله مفتونة به ، فذلك لسبب .
وسعت ابتسامته "" و أنت لازت كما اذكرك يا خالة ، جميلة و بشوشة "" أعاد المدح اليها بنبرة مغازلة و لكنة في حروفه.
ضحكت الخالة تخفي ابتسامتها خلف وشاحها مما يعبرعن انطباق سحره عليها .
شعرت بصفعة على جبيني ، استفزتني بطريقة جعلتني ارغب حقا في قتل فاعلها في تلك اللحظة .
"" ماذا ؟ "" قال نورعندما عبست في وجهه "" لماذا تبتسمين كالبلهاء انت الاخرى ؟ ماذا يحصل هنا ؟ ""
قررت تجاهله و تركت الكيس الذي اعطتني شوق هذا الصباح ليدخله هو و تبعت الخالة و دانييل الى الداخل .