recent
أخبار ساخنة

رواية رومانسية بالعربية : إشاعات ( الجزء التاسع )

Rain Dali
الصفحة الرئيسية


رواية رومانسية بالعربية بعنوان  : إشاعات 


رواية رومانسية بالعربية الفصحى : إشاعات لrain dali


 الجزء التاسع 


 •🌸•🌻•🌸•

🌸ملـكة 🌸

"" لدينا زائر "" نطقت أختي بنبرة و كأنها تغني ، بابتسامة واسعة على وجهها و هي تنظر الينا انا و نور بعيون كبيرة خبيثة . 

لم لا ؟ فهي تعلم أن الوجود الغريب لدانييل في بيتنا في هذه الساعة سيلهينا أنا و نور عن موضوع المرأة الفضولية . 

في الحقيقة ، لا أعلم بماذا أشعر حاليا ، لن يكون من الصواب طرده من البيت بعد موقفه أمام المتجر صباحا . كما انني لن أعتذرعن ما صدر مني . 

هذا أكثر ما يمكنه تلقيه مني . 

نظرت إلى نور، لا فكرة لدي عن ما يدور في ذهنه الآن ، فهو يبدو ساهم في صحنه الفارغ . ولم يلقي و لو بنصف نظرة نحو ابن عمه.

يبدو منهزما اليوم .

""ألن ترد علي التحية يا ابن عمي ؟ "" نطق دانييل بابتسامة جانبية  مداعبة . 

رفع نور رأسه ثم لاحظت بطرف عيني تململ جسد شوق . 

"" ماذا تريد يا ابن عمي ؟ "" أدهشنا نور بجوابه الهادئ ، اتسعت عينا شوق و نحن نتبادل النظرات المستغربة .

كانت ابتسامة دانييل مداعبة ، لكنها اصبحت اكثر استرخاء الآن . أظنه سيستغل هدوء نور و سيحاول حل الخلاف بينهما . 

أتمنى ان يقع هذا ،لأن نور يحتاج الرفقة الذكورية لصفع بعض الصواب فيه و ابعاده عن المتاعب . و دانييل جد مناسب لهذا بالاعتماد على موقفه الرافض على ان يتم اقحامه في تلك الحرب التافهة في الماضي . 

الرجل يملك حسا منطقيا . 

صداقتي بنور قوية ، لكن أعلم أنه هناك اشياء لا يشاركها معي و انا بخير تماما مع ذلك . رغم ان اقرب صديق لي ذكر ، فإنني على ادراك تام أن صداقة ذكر و أنثى ليست كصداقة الانثى بالانثى . 

أعلم الفرق لأنه كانت لي صديقة مقربة ذات يوم .

"" أريد عنوان عمي ، أرغب بزيارته و الخالة أيضا ، اشتقت اليهما . "" 

راقبت كيف ضاقت عينا نور بتشكيك ، لكنه لم يظل واقفا على تلك الحالة طويلا ، بل تحرك نحو الدرج تحت التلفاز في غرفة المعيشة ، ثم أحضر مذكرة صغيرة و قلما . وضع الورقة على المائدة و انحنى بجذعه يكتب . 

 ثواني و كان يمد ذراعه نحو دانييل يحمل الورقة المنتشلة من المذكرة  . 

حسنا كان هذا أسهل من المتوقع ، فكرت في هذا ، و بالنظر الى ملامح دانييل أظن انه يفكر في نفس الشيء . 

أخدها دانييل بدوره و أخد يقرأ الحروف العربية بطريقة أصابت رأسي بالصداع . 

انتشلتها شوق ثم حدجت نور بنظرة منزعجة بينما كان يراقبها نورتعيد كتابة العنوان بحروف لاتينية بإبتسامة جانبية ساخرة . 

"" سبعة أعوام ليست كافية لنسيان لغة تعلمتها في طفولتك "" نطق نور بتعليق لا ضرورة له .

"" أحقا ؟ جرب بنفسك "" اجابه دانييل بدون ان يرفع رأسه من الورقة التي اعادتها شوق اليه . 

"" ستكون السبعة اعوام كافية إن لم يعد هناك أي احتكاك باللغة العربية ، أمه لا تتحدث معهما باللغة رغم انها تعلمتها ، اعني لما قد تفعل ذلك ؟ لغتها الام هي الانجليزية ، أصدقاؤه هناك لا يتحدثون اللغة طبعا ، لماذا تتوقع منه ان يتحدث باللغة اذا ؟ "" تدخلت شوق  متحدية نور بإنزعاج منه . 

"" ألم تبقي على تواصل معه ، توصلين له كل الاخبار الساخنة ؟ "" رد نور متحديا شوق بطفولية جعلاني ارغب بصفعهما عليها . 

"" أولا ، أنا لست مُخبرة ، ثانيا ، حياتك المثيرة للشفقة لا تهم احدا في شيء ، كما أنني كنت أتحدث معه بالانجليزية فقد ساعدني هذا على تعلم اللغة . ""

"" نعم ... مهما يكن "" رد ملوحا بيد و كأنه يصرفها مما أثار استفزاز شوق ، ثم رأيت كيف شددت قبضتها و كأنها تريد وضعها على وجهه . 

فتحت فمي لأحاول التدخل بين هذين الاثنين اللذان لا أعلم مابالهما ، لكن سبقني دانييل صائحا باسم نور ثم ملوحا بالورقة الصغيرة في الهواء "" عليك مرافقتي ، سأضيع في الطريق "" 

حسنا هذا فاجأني ، حاولت قراءة تعابيره الجادة ان كان يحاول مشاركة شوق في استفزازه ، أو انه حقا يقصد هذا . لأن جملته حقا كفيلة بإيقاظ شياطينه . 

لكن أظن انه يحاول تمهيد طريق لاصلاح خلافهما . علي الإعتراف ، سلوكه ذكي . 

فنور كالطفل لكن بنسخة أكثر جنونا ، عليك أن تخفي الدواء في علبة عصير ليستطيع شربه . 

"" ستضيع الطريق ؟"" صاح نور مميلا شفتيه كالسمكة باشمئزاز "" هل انت طفل ؟ جوجو جاجا ؟ "" اتمم كلمتيه الطفوليتين و هو يميل بجذعه قبالة دانييل واضعا سبابته على شفته السفلى . 

أثارت سخافته ضحكة مني ، و هذا محرج في الحقيقة . 

شوق كذلك لكنها لم تخفها كما فعلت أنا ، بل صفعت كتف دانييل المبتسم وهي تضحك بصوت عالي . 

"" لن تترك ابن عمك يضيع في الطريق اليس كذلك ؟ كما أنه إن اتصلت و اخبرت الخالة نعمة انك لم ترغب بمرافقتي ستغضب .. "" 

كشّر نور بعمق ثم رفع اصبعا مهددا بين خضراوتي دانييل "" لا تنشر فتنتك بيني و بين امي ، أحذرك ، سألوي حنجرتك "" 

استدار دانييل نحو شوق و سألها "" مامعنى "فتنتك" ؟ "" 

لم تستطع شوق اجابة سؤال دانييل ، فقد صاح الاخر بانزعاج متصاعد "" اخدت ما اردت ؟ الآن اغرب عن هنا "" 

"" حسنا يا نور ، لن أسمح لك بطرد دانييل من بيتنا ، فهو مرحب به كما هو الحال معك ، و ان كان هو مرحبا به اكثر منك قليلا "" تدخلت شوق عائدة لانزعاجها من نور .

ربت دانييل على ظهرها ممتنا لموقفها، بينما كان نور يراقبها من زاوية عينه قبل ان ينطق "" لماذا ؟ أ لأنني لست أخ جوسف ؟"" 

ارتبكت شوق على الفور و إصفر وجهها و كأنها رأت شبحا ثم راقبْت كيف تفادت عيني دانييل و هي تجيب الاحمق "" بل لأنك لئييم "" ثم انصرفت نحو غرفتها . 

 اللعنة على هذا الاحمق ! 

عبست في وجهه ليرى كم انا مستاءة منه تلك اللحظة ، فأشاح بوجهه . لعله نادما على ما فعله بالحمقاء الاخرى . 

وجهت انظاري الى دانييل و قبل ان اتكلم نطق "" لماذا استاءت شوق ؟ لست متأكدا مما يحصل الآن ... "" 

حمدا لله ، دانييل لم يلتقط معنى تعليق نورإذا . يبدو و كأنه ضائع . 

مهلا ، أيعقل انه لا يعلم شيئا عن إعجابها باخيه ؟ 

"" لا تشغل بالك "" أجبته و انا اقترب منه ثم هزز رأسه فورا غير مهتم بتغييري للموضوع "" و اظن ان نور مستعدا لمرافقتك "" اضفت حينما وقفت امامه . 

عطره اللطيف زاد كثافة في الهواء و بدأ جسدي يتشنج بذلك الاحساس الغريب الذي ينتابني حينما احصل على تركيزه بالكامل . 

رفع دانييل حاجبا اشقرا و هو ينظر الي من علوه . اربكني حاجبه المرفوع  ، لا اعلم معنى رد فعله . 

أ لأنني أبدو المتحكمة مرة اخرى ؟ لا يهمني رأيه .. 

الاحسن له أن يبقي فمه مقفولا لأنني لا أفعل شيئا الآن غيرمساعدته . 

لم أسمح لارتباكي من نظرته الثقيلة ان يظهر في لغة جسدي ، بل راقبته بثبات وهو يرفع سهم انظاره نحو الرجل الاخر خلفي . تاركا منظر حنجرته العريضة المظللة بلحية شقراء خفيفة عارية لعيناي . 

كان ينظر الى ابن عمه بتسلية في ابتسامته الجانبية . ابتسامة زادت اتساعا عند صياح المجنون "" هل حقا تستطيعين أمري بما افعل يا أنت ؟ "" 

استدرت نحوه واضعة اصبعا في اذني الأقرب له و التي تعطلت عن العمل لثانية "" اخفض صوتك اولا . ثانيا ، هل تظن انني لا أستطيع ؟ "" 

وضع كفيه الاثنتين على وركيه في حركة أظنها في علم لغة الجسد تعني أنه يحاول الظهورفي هيئة اكبر ليهيبني - مضحك لا اشعر بأي تهديد  ، كل هذا و هو ينظر الي بطريقة و كأنه لا يعلم ماذا يفعل بي . 

"" اسمع "" قلت بنبرة حيادية ، لا أريد استفزازه اكثر من ذلك "" أظن أنه عليك أن ترافقه لبعض الأيام ، أنت تحتاج ذلك "" 

"" أحتاج ان أعود الى بيتي ، الذي لم تمضي إلا يومان منذ عودتي منه ..؟ "" 

"" لا ، أنت لن تعود بشكل نهائي ، فقط زيارة صغيرة و ستعود "" لماذا يعاند و هو يعلم انه يحتاج ان يبتعد ليومين ليعيد التفكير في كل هذه الفوضى ؟

تصلب نور في مكانه ينظر إلي و كأنه يريد قتلي .  لكنه يفكرفي الامر، و إلا لم يكن ليصمت او ليوافق على كل ما يحصل . 

"" ملكة عليك مرافقتهما ، تستطيعين ايصالهما بشاحنتك "" نطقت الحقيرة من باب غرفتها و هي تقترب ، لابد انها ظلت تتجسس على محادثتنا خلف باب غرفتها . 

ملامحها لاتزال متكهربة من موقفها مع نور ، لكن لم تخلو من بعض الخبث . أعلم فيما تفكرالآن .. تريد فرك وجود دانييل في وجهي على قدر استطاعتها . 

"" انا أوافق شوق "" تدخل نور داعما سخافة اختي . 

يعلمان انني لا أحب ان يكون ذلك الرجل في محيطي ، و مع ذلك ..... 

"" حسنا "" قلت "" يمكنني ان أعيرك شاحنتي ، حضوري  ليس ضروريا ""

"" لدي سيارة ان لم تلاحظوا ذلك "" تدخل دانييل من خلفي . و ابتعدت قليلا بما يكفي لأنظر اليه . كانت ابتسامة جانبية متعجرفة على وجهه و هو يضيف "" لكن اظن ان الرحلة ستكون ممتعة معكما أنتما الاثنان "" اتمم جملته و عيناه تجول بيني و بين الرجل بجانبي .

 وضعت شوق كفها على فمها تكتم ضحكتها .. المتعجرف تجرأ على السخرية . 

 "" حسنا ، سأعتبر كلامك دعوة و سأرافقكما "" قلت قبل ان افكر و اتسعت عيون الكل متفاجئين من قبولي . 

"" حسنا اذا "" نطق دانييل بتعبير غريب على وجهه "" هل سيكون غدا صباحا مناسبا ؟ "" 

"" نعم "" أجبته "" سنلم حقائبنا الآن "" 

_____

 لاحقا ، كنت ألم ملابسي في الحقيبة عندما اقتحمت اختي غرفتي بدون استئذان . جلست على حافة سريري قريبا من حقيبتي و راقبت ما افعل بعيون فضولية و هي تتلمس مدى جفاف القناع الذي تضع على وجهها . 

"" هل حقا ستذهبين معهما ؟ "" قالت بصوت مكتوم لانها لا تستطيع فتح فمها من شدة جفاف القناع حول فمها . 

"" كما ترين "" اجبتها و انا افكر ان كان علي أن أضيف المزيد من الملابس ، لست أكيدة كم سنبقى هناك . 

لا أنوي على البقاء أكثر من يوم و ليلة ، لكنني أعلم أن الخالة نِعمة لن تتركنا الى ان نمدد اليوم الى أيام . 

"" آمل ان يصلحا ما بينهما ، لا يمكن ان تفسد علاقة قرابة و صداقة على خلافات تافهة "" نطقت اختي جملتها الطويلة مما تسبب بفتات ما جف على وجهها يتناثر على ارض غرفتي . 

قبل ان أكمل صياحي و توبيخي على الفوضى التي تحدثها في غرفتي كلما اقتحمتها ، انحنت تلتقطها فتاتا فتاتا وهي تشتمني تحت انفاسها . 

أكره الفوضى ، ليس لأنني مهووسة بالنظافة و الترتيب ، بل لانني لا أحب ان أنظف و أرتب . افضل أن أبقي غرفتي مرتبة لكي لا أضطر الى تنظيفها . 

"" هل اتصلت بأمي اليوم ؟ "" سألتها ثم رأيت كيف ابعدت عينيها عني "" أقسم ، ان علمت انك بعثتي لها بالمال .. "" 

"" مالي وأستطيع فعل ما أرغب به يا ملكة ، لا تخبريني ما يجب فعله "" صاحت مما زاد من تفتت قناعها الجاف اللعين على ارضي النظيفة ، لكنني اكثر انزعاجا من أن أصيح على هذا الموضوع فهناك موضوع اخر اكثر جدية .

"" بفعلك المتعاطف يا غبية ، تغذين إدمان امك على القمار ، أنت تخسرين مالك ، و هي تخسر نفسها ..... لقد وجدت زجاجات من الكحول في مطبخها و غرفتها "" 

بدت الصدمة على وجه اختي من المعلومة الاخيرة ، رغم ان الامر كان واضح ، ذهابها الى الكازينو للقمار سيجعلها تنزلق الى فعل  باقي الامور التي تأتي معه . 

"" أمي تشرب الكحوو..ل ؟"" رددت اختي غير قادرة على لم الخبر في ذهنها و تصديقه .

أبعدت عيني عن وجه اختي المرتبك نادمة على جعلها تعلم الامر هكذا .. "" امي تقتل نفسها هناك ، حاولت اجبارها على العودة معي لكنها رفضت بشدة ، كما ان حبيبها الغبي دعمها ، و ألقى علي درسا طويا يفيد على أنني يجب ان احترم اختيارات امي فهي امرأة بالغة و لا يحق لي التحكم فيها ، و أنني ابنة سيئة بما انني احاول حرمانها من الدعم المالي و الذي تملك حقا فيه و ما الى ذلك من هراء .. "" أضفت  "" ان اردت ان  تستمري في تزويدها بالمال ، افعلي ، لكن من مالك الخاص . ان ارادت حقها ، فلتأتي و تستحقه . و ان ماتت هناك و هي على نفس حالها المثير للشفقة لن تبكي على كتفي و لن اخفف تأنيب الضميرعنك . والآن ، نظفي ما أحدثته على أرضي . "" 

______

"" تعلم انه يمكنك الصعود الى شقته و ابلاغه اننا مستعدان ؟ "" ذكرت نور الذي لازال يتذمر منذ استيقاظه . 

لازال يتسائل عن سبب قبوله السفر مع دانييل ، فهو لا يرغب العودة و لا يريد مرافقة ابن عمه . 

حسنا فهمنا ، تذمره بدأ البارحة بعد مغادرة دانييل شقتنا و لا زال مستمرا ..

"" اصعدي انت ، انا لا اريد "" قال و هو يتوجه نحو بوابة العمارة . سحبته من حقيبته المعلقة على كتفه و صحت منزعجة من مزاجه "" قلت اصعد و اخبره اننا بانتظاره في المرأب "" 

ترك حقيبته الثقيلة في يدي و توجه نحو الدرج . طبعا فهودائما ما يجد طريقته لينتقم  .

عبرت طريقي محملة بحقيبتي و حقيبة الغبي الى المرأب خلف العمارة . وقفت أحاول ايجاد سيارة ذاك الدانييل لكنني تفاجأت بما رأت عيني . 

دانييل بشحمه و لحمه متسندا بكامل جذعه على شاحنتي ، مرتديا سروالا فضفاضا بلون القهوة الحليبية ، قميص صيفي رياضي لونه أخضر ملكي ، على جانبه لوجو رياضي لم استطع تمييز معناه و كل أزراره الصفراء مفتوحة ليظهر تحتها قميص ابيض قطني داخلي ملتصق بصدره المسطح . ينتعل حذاءا رياضيا في رجليه و قبعة شمسية بنفس لون سرواله ، و طبعا سلاسل فضية ذكورية معلقة حول رقبته . 

و كأنه تحسس تفحصي له من بعيد ، رفع رأسه من شاشة هاتفه ليظهر وجهه الوسيم الذي كان مخفيا خلف الجزء الصلب من قبعته . تبين ان عينيه كانت مخفية خلف نظاراته الداكنة ، لذلك لم استطع تمييز كل تعابيره و هو ينظر الي . 

وضع هاتفه في جيب سرواله الخلفي فورا ، و بدون تردد اقترب مني ثم و في لمحة بصر كان يقف أمامي ، عطره المنعش يحيط بي كاللعنة من جديد . و هل ذكرت انه واقف أمامي ؟ قريب جدا مني لدرجة سمحت لي برؤية نمط حياكة ثوب قميصه و اختلاف درجات الاشقر في لحيته ؟ 

لم تغادر فمي كلمة في البادئ و لا حتى هو ، بل أخد الحقيبة الثقيلة من يدي و رماها على كتفه بجهد لا يذكر، ثم أنزل نظارته بدون أن يزيلها كليا لتظل معلقة على أذنيه و مستندة على ذقنه . 

"" صباح الخير "" نطق بصوت عميق و بلكنة ظهرت بكثافة في الكلمة الثانية . 

هززت رأسي مستجيبة لتحيته ، لا أريد أن أكون لئيمة كثيرا ، لكنني لست معتادة على التعامل معه و بوجوده هكذا في وجهي جل الوقت . 

"" ما هي الخطة اذا ؟ "" سألته مباشرة "" هل ستقود سيارتك خلفنا أم .. "" 

"" سأركب شاحنتك "" قاطعني رافعا حاجبا اشقرا ، ينظرالي بكثافة و بعمق الخضورة في عينيه ، جعلني اتمنى لو فقط ترك نظارتيه مكانهما . 

"" ستركب شاحنتي "" أعدت جملته و كأنني لم أفهمها . لقد فهمتها لكنني أتعجب من الطريقة التي نطقها بها  . 

هل يحاول إغاظتي ؟ ماذا يفعل ؟ 

لم أعد أفهم هذه الحالة من الارتباك التي يسببها لي كل مرة كان حولي ، لم اعد أستطيع أعرف كيف أعامله ، لقد كان من السهل اظهار عدم اعجابي به و تجاهلي له لأنه كان يفعل نفس الشيء . لكن الآن ؟ ماذا يفعل ؟ 

لا أستطيع تجاهل "صباح الكاير" خاصته تلك و لا طرده من شقتي و لا حتى عمارتي . 

ان ابقيت على معاملته على نفس الطريقة التي كنت اعامله بها في الماضي في حين انه يعاملني بطريقة محايدة ، سأكون غير ناضجة .

أظن أنه يحاول ان يتصرف بنضج ، لكن بعض سلوكياته تسبب لي الحيرة .. يعني لماذا يحدق في كلما سمحت الفرصة ، لماذا يبتسم تلك الابتسامة الغريبة ، لماذا هو مرتاح جدا في الحديث معي و الاقتراب مني من الاصل ؟ 

إنه غريب .. !

""  هل هناك شيء ما عالق في وجهي ؟ "" قال دانييل حين طال صمتي و طبعا تحديقي في وجهه مما يدل انه سيظنني غريبة انا الاخرى .

""نعم ، البشاعة "" صوت نور كان المتحدث خلفنا مجيبا سؤال دانييل . 

ارتفعت زاوية فم دانييل و هو ينظر الى ابن عمه الذي وقف بيننا ثم انتبهت فجأة لوجود اختي ايضا ، تحمل في يدها حقيبة تسوق من متجرنا . لكنها كانت تحدق في أنا بطريقة غريبة . 

"" ماذا ؟ "" رفعت رأسي سائلة ، لكنني فهمت ما يحصل حينما انزلقت عيناها نحو دانييل الذي يستمع لتذمر نور حول جعله يصعد الى حيث شقته فقط ليجد الشقة فارغة . 

بحاجب مرفوع بتسلية خبيثة هززت رأسها نفيا "" لا شيء "" 

لا شيء ؟ مؤخرتي ... 

هذه ستكون المرة الثانية التي تنظر الي انا و دانييل بهذه الطريقة ، يعني هذه ستكون المرة الثانية التي تظن فيها انها كشفتنا او مهما يكن ... نعم ذكية جدا . 

"" اتيت من المتجر لأعطيك هذه "" ناولي كيس التسوق الممتلئ "" هذه بعض من حاجيات البيت ، سلميها للخالة نعمة و ابليغيها و العم سلامي . "" 

تناولتها من يدها مهززة رأسي ايجابا قبل أن تودع دانييل و تعود للمتجر . 

تحركت نحو الشاحنة ، لا اريد اضاعة الوقت اكثر من هذا . فتحت السيارة و وضعت حقيبتي و الكيس في المقعد الخلفي للشاحنة ، و انا افعل ذلك ، سمعت صياح نور "" و لماذا تحمل حقيبتي ؟ اتركهاا "" نظرت اليه و هو ينثرها من كتف ابن عمه . ثم بعبوس اقترب من الشاحنة . 

تنهدت ، لا أعلم كيف ساتحمل مزاجه في هذه اليومين . جلست في مقعدي لأشغل محرك الشاحنة . فتح نور باب المقعد بجانبي ثم رأيت كيف اسرع دانييل من خلفه و دفعه بقوة ليفتح هو الباب و يسرق المقعد عبر الجلوس فيه ، فورا امتلئ جو السيارة بعطره و اغلق الباب بجانبه و استدار ليبتسم لي ابتسامة مليئة بأسنانه البيضاء تاركا نور الغاضب يضرب زجاج شاحنتي و يقذف ابن عمه بالشتائم . 

ستكون رحلة طويلة .. 



google-playkhamsatmostaqltradent