رواية رومانسية بالعربية بعنوان : إشاعات
الجزء السابع
🍁نـور🍁
رأسي يؤلمني الآن و كل هذا لأنني تمشيت تحت شمس الظهيرة لساعات . فقط لو علمت امي ، لصاحت بجملتها "" تستحق ذلك ، هذا ما يجب ان يحصل لمن لا يستمع الى كلام امه و يحذر من شمس الظهيرة القاسية "" ثم تتجاهلني لثلاث دقائق فقط لتأتيني بقرص أسبرين و شريحتي الليمون لتربطهم بصدغيّ .
آه ، كان ليكون أفضل شعور الآن ، مع لمسات يديها الدافئتين و عبوسها المؤنب لي . لقد إشتقت إليها ، و أبي أيضا ، لكن امي أكثر .
أثار صدى صوت الرش في الملعب الفارغ مسامعي ، فرفعت رأسي مبعدا يداي عن صدغاي ، دعكي لرأسي لم يفد صداعي في شيء .
صوت الرش تلته بهرجة من الضحك ، خليط من أصوات ذكورية وانثوية . انهم متدربي هذا الموسم ، يضحكون على شيء ما فاتني قد قاله المدرب بعد سقوط احد المتدربين في المياه .
نعم ، كنت أدفع زملائي ليسقطوا في المياه بعد انتهائنا من التدريب كذلك .
"" لماذا تتبتسم هكذا كالمجنون ؟ "" أجفلني الصوت الأنثوي المألوف فرفعت رأسي نحوها .
ملكة و من غيرها .
ارجعت وجهة انظاري نحو الشباب المحملين بمنشفات يمسحون بها اجسادهم و حقائبهم ، متوجهين نحو أبواب غرفات تغيير الملابس و هم يتضاحكون فيما بينهم .
يبدو الأمر و كأنني أشاهد نفسي و أصدقائي قبل سنين قليلة . لقد ضاع الحلم .
"" لا يبدو عليك تجاوز الماضي يا صديقي ، لقد كذبت على نفسك قبل ان تكذب علي ""
أغمضت عيناي . لا ، اريد أن أرد أو حتى ان أسمع ما لديها ، لأنني أعرف ما ستقوله .
ملكة شخص كمرآة ، لا تعكس إلا الحقيقة ، و انا لست في مزاج للنظر لبشاعة الحقيقة الآن .
لقد ظننت انني قوي ، أنني تجاوزت كل شيء تركته في الماضي ، حبي و حلمي ، لكن الشيئان لازالا كجرح لم يعد ينزف ، لكن لازال يؤلم .
"" فقط أصمتي يا ملكة ، لا طاقة لي الآن ""
بدون ان انظر اليها ، شعرت بجسدها يستقيم نحو الامام ، تشاركني النظرإلى خلو القاعة و المسبح بتنهيدة من بين شفتيها .
قد لا تعترف بذلك ، لكنها في داخلها تشاركني التوق و الحزن على حلمنا الضائع .
ليس من الشائع ان ترى ملكة في حالة من الحماس و البهجة إلا عند وجودها في الماء ، عندما تتسابق معي و الآخرين في المسبح و كأننا دلافين مهاجرة .
انتشال الشيء الوحيد الذي كان يستطيع رسم البهجة في محياها منها لشيء طاعن في القلب ، اشعر بالأسف لها اكثر من على نفسي .
"" اتعلم ؟ تستطيع خلق حلم آخر ، ثم لقاء فتاة أخرى جميلة و أووب ، حياتك صاخبة من جديد ""
"" هل هذا ما فعلتي انت ؟ "" سألتها و أنا انظر اليها جانبيا.
ببطء اخدت تدير وجهها نحوي فقط لتواجهني بتعبيرها العدواني الذي يصرخ في وجه كل غريب ب"لا تقترب أنا اعض "
لقد حاولت فيما مضى ان اهذب هذا الجانب فيها ، فكانت تقضي علي بقولها " اهتم فقط بدوراتك الهرمونية ""
نعم ، لقد كانت تشبهني بذكور الحيوانات في مواسم التزاوج ، دائما منزعج و سهل الإثارة ، و أقصد بهذاغضبي و ليس شيء آخر .
ليس و كأنني أنكر الشيء الآخر على اي حال .
ابتسمت مشيحا بوجهي عنها ، قلت ذلك فقط لأنني أحب إغاظتها .
و فجأة تذكرت شيئا "" التقيتي ذلك المهرج في طريقك الى هنا ؟ ""
"" طبعا ، و هل هناك مهرب من الوطئ في البراز ان كان الشيء الوحيد المتناثر في الطريق ""
ضحكت "" الآن لماذا يجب عليك ان تنعتي البشر بأكمله بالبراز ؟ لماذا يجب علينا تحمل اللوم بسبب ذلك الفاشل ""
بإبتسامة تقطر سما أجابتني "" ليس على احد ان يتحمل اللوم هنا لانني بالفعل أعني ما قلته . وطأت على قطعة براز في المرآب ، ثم أخرى امام البوابة في طريقي إلى هنا ثم الأخيرة .. هي بالفعل تحت قدمي الآن ""
نعم لديها لسان قذر طويل تعلم جيدا كيف تهين به ، لكنني أملك ذراع قادرعلى إزهاق روحها من جسدها و ذلك ماحاولت فعله .
في إطار المزاح طبعا .
احطْت بذراعي جيدها الرفيع ثم شددت حولها ، و لم تترد القطة الشريرة في غرس أنيابها في جلدي . أطلقت سراحها بشكل فوري و أبعدتها عني .
إن كنت انا امزح الآن فالملعونة لم تكن كذلك .
"" ما رأيك في سباق صغيرأسحقك فيه ؟ "" اقترحت بابتسامة سمجة مشيرا برأسي محو المسبح .
أضيئت تعابيرها و لمعت عينيها و هي تلقي بنظرة نحو المسبح الخالي ، تكاد تسمعه ينادي كما اسمعه انا ، فزادت ابتسامتي اتساعا .
"" لا "" رفضت بصوت قاطع ثم عادت تعابيرها الى الوجوم البارد و هي تشيح بوجهها الى الجانب الاخر بعيد عن مكان المسبح "" لا ارتدي ما يناسب ""
لم أدفعها الى القبول بإصراري . إن رفضت ملكة شيئا ، لا شيء قادر على تغيير رأيها .
"" انا جائع "" قمت من مكاني و مررت من بين الكراسي متجها نحو الدرج المؤدي إلى المخرج .
ثواني و كان الوطئ الخفيف لخطواتها خلفي .
-----
التقينا بقطعة البراز المجفف ذاك أمام البوابة ، لم أكن انوي حتى النظر تجاهه ، لكنني فعلت عندما رأيت الطريقة التي كان يتّبع بها خطوات ملكة الماشية أمامي و الغير آبهة بوجوده حتى . كان ينظر إليها بكثافة ، بغضب و حقد ثم بتملكية وعندما عبرت البوابة إنتقل نظره إليّ لتختفي كل المشاعر الثقيلة في عينيه و تتحول إلى غيرة سامة موجهة نحوي .
أهذا ما أحصل عليه انا ؟
ابتسمت ابتسامة جانبية مررت فيها لساني على زاوية فمي فقط لأزيد من إستفزازه ، و نجحت ، غذيت سم غيرته ليقتل نفسه بنفسه .
و قبل ان أعبرعتبة البوابة بدوري ، سمعته "" هنيئا لك بالعاهرة ""
استدرت ببطء الى ان تمكنت من النظر إلى وجهه القاتم ، لقد اوشك على ايقاظ شياطيني بإهانته لملكة ، لكنني أحب ان استخدم طرقها في بعض الاحيان حين اكون في مزاج لذلك . طرقي أنا اكثر ميلانا لتسديد اللكمات و توجيه الرأسيات الى أن اتسبب بإرتجاج لي و لضحيتي ، لكن ملكة ؟ انها أفعى سامة تعلم جيدا كيف تتسلل تحت جلدك و تسممك فقط بكلمات بسيطة من لسانها . خاصة ان كانت لها معرفة شخصية بك او على الاقل كنت في محيطها بما يكفي لتعلم عنك و لو القليل . لكن قواها هذه أقل فعالية تجاه الغرباء لأنها لا تعرف نقطة الضعف التي يجب ان تطعن فيها ، لكن يظل لسانها سام و لو بدرجة اقل بالمقارنة .
قد يكون انس رجلا جذابا و ذو تأثير ، لكنه جبان . لذلك لم أجده هدفا بستحق ان ازعج نفسي بإحياء المتاعب معه .
"" إنعتها بالعاهرة ، لكن لعابك لازال يسيل منذ قليل حينما مرت أمامك ""
إستدارعني، ظهره متشنج يكتم غيظه .. و هذا ماكان .
-----
قررنا بعد شجار أن نتناول وجبة العشاء في مطعمي المفضل في منطقة مطلة على البحر . رفضها كان بسبب عجقة المكان و هذا تماما سبب إعجابي له ، أحب هذا النوع من الأماكن ، حيويتها تريح أعصابي . كما انني أفكر أن أتقدم بطلب للعمل هنا ، لدي شهادة اختصاص في الجزارة و طهي اللحم .
بعيدا عن السباحة ، موهبتي و اختصاصي الثاني كان الجزارة ، لاطالما كان سكيني حاد و دقيق في تقطيع اللحم و تفصيل جسد الذبيحة يوم العيد . كنت اقدم هذه الخدمة لجيراننا في الحي في سنين مراهقتي مقابل بعض الدراهم و لازلت افعل لكن بثمن معقول .
و بناءا على أراء والديّ و بعض الأصدقاء الذين تذوقوا طبخ يدي ، قالوا أن الستيك الذي أقدمه يذوب في الفم كالزبدة ، مثالي الشكل و المذاق ، و كثير العصارة .
"" لا أعلم كيف تركتك تجرني الى هذا المكان ... المزعج "" قالت و شفتها العليا تهتز قرفا ، عينيها كانت على الطفل الصغير الصارخ بين يدي امه في الطاولة المجاورة لطاولتنا . ثم استنتجت أن بقولها "مزعج" لم تكن تقصد المطعم و إنما الطفل .
مسحت ضحكتي بكفي عندما وجهت الام الشابة تعبيسة انزعاج نحو ملكة التي كانت لاتزال تحدق فيها و الطفل المنزعج الصارخ بوقاحة صريحة . لابد ان الام سمعت قول ملكة و إلتقطت مغزاه .
"" لن أنجب صعلوكا شيطانيا في حياتي ، فالعالم مليء بما يكفي . "" أضافت الوقحة و هي لاتزال تحدق في الأم و الطفل .
لقد إزدادت بدون سحّاب على فمها ، و أنا أعيش لأشهد اللحظات التي تجعل فيها الناس الأبرياء عاجزون عن الرد ، تماما كما يحصل الآن مع الام الشابة المسكينة .
اعداء ملكة ليس بشر فقط ، بل البشر صغيري الحجم و الحيوانات ايضا ، أبرء ما يوجد على الأرض . و حين نحاول مناقشة رأيها الظالم هذا ، ردها ان الأطفال و الحيوانات يعلمون جيدا كيف يصطنعون البراءة و انهم الشياطين بعينها .
اعلم ، فتاتنا مضروبة بعض الشيء .
"" أتقصدين شيئا من قولك يا أنسة ؟ "" حاولت اخفاء ضحكي خلف رقبة التيشرت الذي أرتديه بعد أن واجهت الام الشابة وقاحة ملكة .
رفعت ملكة حاجبا مخيفا في المرأة و ردت "" قصدت أم لم افعل حديثي لم يوجه إليك ""
حسنا ، ملكة في مزاج قاتم الآن .
"" نعتذر يا سيدتي "" قلت و انا انظر الى الرجل الشاب القادم من اتجاه الحمامات ، عيناه تجري بيننا نحن الثلاثة و حاجبيه منعقدين في قلق متأهب و كأنه استشعر حساسية الموقف "" ملكة لم تقصد شيئا مما تظنين ، نعتذر عن سوء الفهم ""
أبعدت المرأة عينيها عني وعن ملكة حينما جلس زوجها قبالتها و سألها عن ما حصل . توقعت ان تشكيه ما حصل وأُقحم في شجار يدوي بسبب لسان صديقتي الطويل ، لكنها لم تفعل ، بل اخبرته انه لاشيء حصل و اخبرته سبب بكاء صغيرهما ليأخده من بين ذراعيها و يضمه لصدره محدثا إياه بلهجة ابوية ليصمت الطفل و يهدأ بين ذراعي ابيه و تستطيع الام الاستمتاع بوجبة عشائها في هدوء.
شعرت بشيء يضرب منتصف جبيني و سقط في حجري ، و عندما إلتقطته كان قطعة خبز ، التقطته و عبست في وجه التي رمتني به "" تضربينني بنِعمة الله يا قليلة الأدب ؟""
كانت تنظر إلي بميل نحو الاسفل في شفاهها و هي تنطق متجاهلة لومي الساخر "" لا تعتذر بإسمي مرة اخرى ""
"" إذا اتركي عادة معادي المجتمع هذه و تصرفي كبشرية طبيعية ""
"" و هل تفعل انت ؟ "" جوابها كان فوري .
عبَست بفم مزموم . هذه ال...
وقفت متنهدا "" انت ألقي نظرة على قائمة الطعام . انا سوف أحاول لقاء صاحب المطعم و اعود ، حاولي ان لا تهسي في وجه أي بشري آخر ، حسنا ؟ ""
""أغرب عن وجهي "" قالت بغيظ و هي تسحب القائمة من على الطاولة قبل ان أتوجه إلى أقرب نادل .
•🌸•🌻•🌸•
🌸 ملكة 🌸
بلعت حبة اسبرين منذ ساعتين و لم أستطع التخلص من الام الرأس حتى الآن . و وجهي الواجم يخيف البشر ، لقد تخطاني معظم الزبناء ، مفضلين الإنتظار في الصف فقط لتتعامل مع اختي المبتسمة النشطة الثرثارة على وجه الصبح على ان يتعاملوا معي .
أتعلمون ماذا ، لقد أسدوا خدمة لي .
إن هذا الصباح واحد من الأصباح التي أستيقظ فيه بمزاج أسود كئيب مع صداع رأس عنيد . لا أريد الإختلاط بالبشر و لا التكلم ، فقط أقود شاحنتي و أبحث عن مكان خالي و أختلي بشياطين عقلي .
لكن لا أستطيع ترك العمل بأكمله على كتفي أختي ، كما انه يفترض أن تكون في استراحة الآن ، و مع ذلك تفضل أن ترافقني الى المتجر .
كنت أعيد ملئ مخزون الخبز ككل صباح حين شعرت بحضور جاثم خلفي ، إستقمت و استدرت بسرعة فقط لأواجه عينان تعبتان و تعبيرا مغلوبا على أمره .
"" أريد التحدث إليك . "" نطق أنس بهمس ، كان يبدو تعبا فعلا . مما أعرف عن عاملي المناوبات الليلية ، منتصف الصباح هو منتصف الليل بالنسبة لهم ، يعني كان يجب ان يكون غاطا في نومه في هذا الوقت .
ليس و كأنني مهتمة براحته ، أنا فقط أستغرب من وجوده هنا في هذه الساعة ، و ما نوع المواضيع الذي يجمعنا ؟
"" و أنا لا أريد "" تحركت ماشية متجاهلة وجوده .
ليس هناك ما نتحدث عنه .
عيني أختي تحولت نحوي ما إن لمحت من كان على أعقابي . ثم تجعدت ملامحها قلقا .
أنس عضو من عصابة الشارع 22 -أو ما تبقى من العصابة - التي جمعنا بها ماضي .
"" ملكة "" نطق اسمي بحدة و غير صبر و توقفت مستديرة نحوه و الشرر يتطالع من عيناي رافضة نبرته هاته .
"" ستستدير و تعود من أين أتيت أو أقسم أنني سأجعلك تقضم أصابع يديك ندما ""
كان الدور عليه هو لينظر الي بشرر متطاير من عينيه ، طار منظر التعب فيهما و تعوض بشيء من اليأس .
اقترب مني مادا يديه الى الامام و كأنه يرغب بلمسي لكن لم يتجرأ على ذلك "" لا يغمض جفن لي من دون التفكير فيك ، كلامك ليلة البارحة ، أنا .... أريد ان أعتذر ""
ارتفعت حاجبي الى منتصف جبيني بإدراك ، هذا إذا ، قد تسمم بسمه ، و استسلم أخيرا .
كنت اعلم ان اتهامه الباطل لي سيدمره هو اولا قبلي انا . سوف يتوقف عند سلوكه، و يعترف لنفسه بخطئه و ينتهي كل شيء .
لم اتوقع قدومه الي ، و الحديث معي ، بل و الاعتذار عن ما صدر منه ايضا .
إنه ببساطة جد فخور على أن يتنازل و يعتذر .
"" هل يمكن أن نتحدث في مكان ما اكثر خصوصية ؟ "" قال و هو ينظر الى عامة الزبناء حوالينا .
كما قلت ، انه شخص فخور .
صمتت للحظة أفكر إن كان الموقف يستحق أن أغادر المتجر معه لأستمع الى ما لديه أم اكتفي بحقيقة انه اتى إلي برجليه و اعترف .
قررت أنني سوف استمتع بهذا ، سأنظر الى عينيه و هو يعتذر لي يطلب عفوي بعد كل محاولاته لتدميري و قسم ظهري لكن لم ينجح في ذلك.
"" حسنا "" قلت رافعة رأسي "" إلحقني ""
جعلته يلحقني إلى باب المتجر الزجاجي . و قبل أن أفتحه ، تصادفت عيناي بأخرتين خضراوتين ، تنظران الي بكثافة عبر الزجاج .
تريثت عيناه علي للحظة قبل أن تمرببطئ خطير إلى الرجل خلفي . كان عابسا، تعبيره جديا .
ما به هذا الآخر كذلك ؟
دفع الباب مما إضطرني للرجوع الى الخلف قليلا لمده بالمساحة . لم يتخطانا داخلا للمتجر، بل وقف أمامي .
أختي كانت الى جانبه في لحظة ، و بسرعة فهمت ما يحصل .
من قلق أختي ، أظنها هاتفته ليأتي و يتعامل مع انس . لقد كان دانييل يتخالط مع شباب الشارع 22 ايام مراهقته ، انس منهم .
مررت عيناي بينهما ، و أبقيتهما على أختي لاجعلها تفهم ان تصرفها لم يكن في محله . لقد حاربناهم في الماضي بدون أي مساعدة من أحد ، لم الآن فقط ستبدأ بطلب الحماية من هذا الرجل .
"" أنس ؟ "" نطق النصف أجنبي بلكنته العميقة ، و هو يبتسم ابتسامة لم تصل عينيه نحو انس .
انس بدوره بدا غير مرتاح و هو يجيب "" دانييل ، لقد أخبرني رامي عن عودتك البارحة ، اهلا بعودتك ""
"" شكرا "" اجابه باقتضاب .
"" اعذرانا نحن الاثنان "" قلت تم شققت طريقي من بين الاثنين المتسمران امامي ، لكن اختي منعتني بالقول "" الى اين ؟ ""
تجاهلتها و استمررت في المشي متجاهلة حتى اللعنة التي تمتمت بها قبل ان اقفل الباب . عبرت الشارع على ادراك بخطوات انس خلفي . عندما توقفت في المكان الذي رأيته مناسبا . لمحت دانييل لازال يراقبنا خلف الزجاج . و رغم انني حدجته بنظرة صارمة تخيف البشر في العادة ، لم يتراجع و ظل في مكانه غير متأثر ، يحدق في .
"" أنا اعتذر منك يا ملكة ، انا اعلم انك لست مرتبطة بنور رغم أن رامي و ديمنة يقران بالعكس . ""
"" لا تذكر إسميهما أمامي ، لايهمني ما يظنان في ، حسنا ؟ "" بصقت ، متململة في مكاني ، بدأت انزعج من حرارة الشمس التي تسخن بشرتي .
"" حسنا "" قال بهدوء ثم استرسل "" سأعترف ، رفضك لي جرحني كثيرا ، خاصة و انني لم أفهم .. لم ؟ ""
"" لأنك مجرد حارس ليلي يا انس ، لا تناسب ذوقي "" سخرت بنقمة .
فتكهربت ملامحه و اشاح بعينيه عني "" لا تفركيها في وجهي يا ملكة ، أعلم انك لست ذلك النوع و انا من اختلق هذا الهراء ""
صمتت لأعطيه فرصة ، و لا اعلم لم فعلت هذا ، هل هو تأثير ذلك الندل الفضولي الذي لا زال يراقب من بعيد ؟
"" أرجوك سامحيني ،أنا أريد فرصة ثانية "" اعاد عينيه إلي ينظر مباشرة الى عيناي .
تنهدت و رميت بسطح القسوة الذي ارتديه ، لقد كسب القليل من احترامي باعتذاره و اعترافه هذا ، باعتباره شخص فخور لقد احرز تقدما كبيرا في شخصه بسلوكه .
"" اسمع يا انس ، سأكون صريحة معك ، رفضي لك لم يكن شخصيا في البادئ ، رفضي كان لعدم اهتمامي بالارتباط بشكل عام . لكن وصلني كلام عنك جعلني أغضب ثم ارفضك بشكل شخصي هذه المرة ""
عبس و سأل بشيء من الارتباك "" ماذا تعنين ؟ ""
"" احدهم اخبرني انك قلت أنك راهنت على انك ستجعل انثى الغراب تلك تقع في حبك . تقربك مني لم يكن صادقا بل مجرد رهان بين مجموعة من الذكور العفنين ""
صمتت مشبكة ذراعي ، اراقب تعبيره يتحول من اضطراب الى ارتباك كامل . عابسا يحاول التذكر "" لم أخبر أحدا بهذا ، بل لم افكر في هذا من الأصل ، تقربت منك لانني حقا معجب بك ، ولم أخبر أحدا باهتمامي بك غير صديقي رامي .. "" قاطع نفسه و رفع رأسه يفكر .
ضيقت عيناي في وجهه احاول تمييز كذبه من صح كلامه ، لكن لم أميز شيئا . فبدأت اشعر بتشوش في افكاري .
"" انتظري لحظة ، قلتي رهان ؟ "" لم اجبه فأكمل غير منتظرا اكثر ""لم أكن أنا من قال هذا الكلام ، كنت ضمن المجموعة ، لكن لم يكن أنا ، لقد دخلت في شجار مع قائل هذا الكلام في تلك الليلة ، وكان مجرد تافه يحب استفزازي ، كان قد قال هذا فقط ليستخرج رد فعل مني و ذلك ما حصل ، لا اعلم من اين عرف باهتمامي بك حين ذاك ""
حسنا لا أعلم لكن يبدو و كانه يخبرني بالصدق ، لم يزحزح عيناه عني و هو يتكلم ، صوته عاطفي لكن غير مهزوز .
"" الهذا كنت ترفضينني ؟ "" قال و حاجبيه يرتفعان في جبينه الاسمر ، نبرته تحمل املا لاصلاح الوضع بيننا "" تمنيت لو فقط صارحتني من قبل ، من أخبرك بهذا كان على خطأ أو وقع سوء فهم ... لا اعلم . ما استطيع تأكيده هو انني لم اراهن على شيء لقد كنت معجب بك بصدق ""
يا الاهي ماهذا ؟ كيف تطورت الامور لتنقلب هكذا ؟
اختي الثرثارة جلبت خبرا منقلبا لا اساس له من الصحة اذا، جعلتني اتنمر على هذا الرجل لاجعله راغبا في الانتقام مني .. و فعل .
لم يكن يجب علي تصديقه ، كان يجب ان ارفضه بدون ان اضيف مشاهد طويلة من الاهانات له . ماذا ؟ ايجب ان اعتذر انا كذلك ؟
"" انس "" قلت بعد برهة من التفكير "" اظن اننا كنا ضحية للقيل و القال . سأعتذر عن كل الاهانات التي طالتك مني كل ذلك الوقت ، لكن لا اريدك ان تتشبت باي امل . لانك فعلت اشياء سيئة . نعم كننا ضحية الاشاعات ، لكن السلوكيات التي صدرت منك من بعد ، كانت سلوكياتك ، قراراتك الشخصية و لم يأمرك احد بفعلها . لقد ساعدت رامي و مجموعته الهمجية في الهجوم على المسبح ، في يوم المسابقة النهائية التي كانت ستحدد مصيرنا انا و نور و تلك الغبية ، حبيبة صديقك، و العديد من المتبارين الاخرين ، متسببين في الفوضى مدمرين كل شيئ في طريقهم ، اتعلم ماذا حصل بعد ذلك ؟ طردنا بشكل نهائي بعد التحريات التي كشفت عن ان عداوتنا مع الهاجمين كانت السبب المباشر في ما حصل . لقد شاركت في تدمير حلمي يا انس ، قد اسامحك لكنني لن انسى . ""
سقطت كتفيه العريضتين في انهزام ، و على وجهه تعبيرا كئيبا ""حسنا "" قال مستسلما "" لا اظن انني استحق فرصة ""
رمشت عيناي في وجهه بدون ان انطق .
"" لكن على الاقل ... تستطعين مسامحتي ؟ ""
"" لست مهتمة بالماضي و لا احمل ضغائن لأحد ، حصل ما حصل ، و اعتذارك مقبول ""
لم اترك له مجالا لقول المزيد ، عدت ادراجي من حيث اتيت فقط لاتفاجأ بحقيقة ان الفضولي لازال في مكانه . فقط خارج الباب هذه المرة .
"" أتريد شيئا ضائعا منك يا متجسس ؟ أنفك المدسوس في شؤوني مثلا ؟ ""
"" هل يزعجك ؟"" سألني بحدة في نبرته لكن بسهولة في نظرته إلي متجاهلا تعليقي الساخر .
"" هل تتكلم عن نفسك ؟ نعم ؟ ""
لم يستجب بل عينيه تحركت مع حركة من البعيد في تركيز و تفكير . وعندما القيت نظرة ، كانت عيناه تتبعان انس .
"" الا يمكنك أن تتركي سلوك الشيطان هذا و ان تكوني ممنونة للشخص الذي ترك فراشه مسرعا لتقديم يد المساعدة . لقد كنت شبه متأكدة ان ذلك الفاشل سيحاول إثارة المتاعب مرة اخرى . "" كانت اختي العابسة تحاول تأديبي .
"" لو وقعت في المتاعب و احتجت مساندة ، املك شخصا يمكنك مهاتفته ، نور""
"" ليحول المتجر الى ساحة جريمة ؟ كالجحيم سأفعل "" بصقت اختي بحقيقة لم استطع الطعن فيها .
وجهت نظرة الى دانييل الصامت ، فارتبكت لحقيقة انني وجدته يحدق في .
لماذا يفعل ذلك ؟ اكره هذا بشدة .
بماذا يفكر ؟ عيناه لا تقرآن . وجهت نظري نحو اختي لارى ان لاحظت ما يحصل . فوجدت الاخرى تحدق في و فيه كذلك لكن استطعت قراءة التعبير في وجهها .
هذا التعبير يعلو وجهها حين تظن انها قبضت على الفأرالذي ينبش المحصول .
لا اريدهما في سحنتي ، ابتعدت عنهما و عن اختي بالتحديد قبل ان تطلق العنان لمخيلتها .